قوله: "وذلك لخمسٍ بَقَينَ من ذي القعدة، فقدِمَ مكةَ لأربع ليالٍ خَلَوْنَ من ذي الحجَّة"، أخرج مسلم مثله من حديث عائشة رضي الله عنها. احتج به ابن حَزم في "كتاب حَجَّة الوداع" له على أن خروجه - صلى الله عليه وسلم - من المدينة كان يوم الخميس، قال: لأن أول ذي الحجة كان يوم الخميس بلا شك، لأن الوَقفةَ كانت يوم الجمعة، بلا خلاف، وظاهر قول ابن عباس: لخمس، يقتضي أن يكون خروجه من المدينة يوم الجمعة، بناءً على ترك عدِّ يوم الخروج. وقد ثبت أنه - صلى الله عليه وسلم - الظهر بالمدينة أربعًا، كما سيأتي قريبًا من حديث أنس، فتبيَّنَ أنه لم يكن يومُ الجمعة، فتعيَّن أنه يوم الخميس. وتعقَّبهُ ابن القيم بأن المتعيَّنَ أن يكونَ يومُ السبت، بناءً على عدِّ يوم الخروج، أو على ترك عده، ويكون ذو القعدة تسعًا وعشرين يومًا. اهـ. ويؤيده ما رواه ابن سعد، والحاكم في "الإِكليل": أن خروجَه - صلى الله عليه وسلم - من المدينة كان يوم السبت، لخمس بَقَيْنَ من ذي القعدة. وفيه ردٌ على منعِ إطلاق القول في التاريخ، لئلا يكون الشهر ناقصًا، فلا يصح الكلام، فيقول مثلًا: "خمس إن بقين، بزيادة أداةَ الشرط. وحجةُ المُجيز أن الإطلاقَ يكون على الغالبِ، ومقتضى قوله: إنه دخل مكة لأربع خلون من ذي الحجة، أن يكون دخلها صُبْحُ يوم الأحد، وبه صرح الواقدي. اهـ: ص ٢٦٢ - ج ٣ "فتح الباري".