الأذان داخلَ المسجد دليلا عند المذاهب الأربعة إِلا ما قال صاحب «الهداية» إنه جَرَى به التوارث، ثُم نَقَله الآخرون أيضًا. ففهمت منه أنهم ليس عندهم دليلٌ غير ما قاله صاحب «الهداية»، ولذا يلجأون إلى التَّوارث، أما الإِقامة فكانت مِن قبلُ في المسجد. بقي أذانُ الجَوْق: ففي «الدر المختار» أنه مُحْدَثٌ.
قلت: وعلى مَنْ يَدَّعِي الإِحداثَ أن يُجيب عما في «الموطأ» لمالك -ص ٣٦ - : أنهم كانوا في زمن عمر بن الخطاب يُصلُّون يومَ الجُمعة حتى يخرجَ عمرُ بن الخطاب، فإِذا خرج عمر وجلس على المنبر وأَذَّن المؤذنون. وقال ثعلبة:«جلسنا نتحدثُ فإِذا سَكَت المؤذنونَ وقام عمرُ يخطبُ أَنْصَتْنا فلم يتكلمْ مِنَّا أَحَدٌ». اهـ فإن قوله: سكت المؤذنون، وأذن المؤذنون، بصيغة الجَمْع يدلُّ على تَعَدُّدِ الأذانين في عهده رضي الله تعالى عنه.
٢٢ - باب الْمُؤَذِّنِ الْوَاحِدِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ
أي الأذان الواحد. وقد مَرَّ معنا وجه تعبير الأذان بالمؤذن. وهو في ذهن الراوي أن الواحد لا يُؤذِّنُ إلا أذانًا واحدًا.
قوله:(إِذا جَلِّس على المنبر) وعند أبي داود: أن هذا الأذان كان في عهده صلى الله عليه وسلّم عند باب المسجد، وفي لفظ: على المنارة.
٩١٣ - قوله:(زادَ التأذينَ الثالثَ) أي باعتبار التشريع، وإلا فهو أول باعتبار التأذين به. والثاني ما كان في عهد النبيِّ صلى الله عليه وسلّم والثالث هو الإقامة. وقد مرَّ معنا التنبيه على أن مَنْصِب الخلفاء بين الاجتهاد والتشريع، فالمجتهدون يمشون على المصالح المُعتبرة، والخلفاء على المصالح المرسلة أيضًا.
٢٣ - باب يُؤَذِّنُ الإِمَامُ عَلَى الْمِنْبَرِ إِذَا سَمِعَ النِّدَاءَ