نجسًا على مذهبه إلا بعد العلم بها، ولم تكن له حاجة إلى ترك تحقيقه، ولكنه نحو تعبير جريًا على أسلوب الحكيم.
وإنما أنكرتُه لأنه لم يثبت عندي عن السلف الرجوع بهذا المعنى، وقدوتي في هذا الباب وعمدتي عبد الله بن المبارك، فقد قال الترمذي في باب ما جاء لا طلاقَ قبل النكاح: وذكر عن عبد الله بن المبارك أنه سئل عن رجل حَلَف بالطلاق أن لا يتزوج، ثم بدا له أن يتزوج، هل له رخصة أن يأخذ بقول الفقهاء الذين رخَّصوا في هذا؟ فقال ابن المبارك: إن كان يرى هذا القول حقًا من قَبْلِ أن يُبتلى بهذه المسألة، فله أن يأخذ بقولهم، فأما من لم يرضَ بهذا فلما ابتُليَ أحبَّ أن يأخذ بقولهم، فلا أرى له ذلك اهـ.
٢٦١ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ أَخْبَرَنَا أَفْلَحُ عَنِ الْقَاسِمِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كُنْتُ أَغْتَسِلُ أَنَا وَالنَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ تَخْتَلِفُ أَيْدِينَا فِيهِ. أطرافه ٢٥٠، ٢٦٣، ٢٧٣، ٢٩٩، ٥٩٥٦، ٧٣٣٩ - تحفة ١٧٤٣٥
صرَّح في هذه الترجمة بنجاسة المَنِيِّ وعَدَّه من القذر واختار أنَّ الماء المستعمل طاهر، وإليه ذهب الجمهور، وقال مالك: إنه مُطَهِّر أيضًا.
قوله:(ولم ير ابن عمر رضي الله عنه) ... إلخ وهذا القدر عَفْوٌ عند مشايخنا القائلين بنجاسة الماء المستعمَل أيضًا، وفي «الدر المختار» أنَّ العِبرةَ عند اختلاط المستعمَل مع غيره للغالب.
٢٦٢ - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا اغْتَسَلَ مِنَ الْجَنَابَةِ غَسَلَ يَدَهُ. طرفاه ٢٤٨، ٢٧٢ - تحفة ١٦٨٦٠
٢٦٢ - قوله:(غسل يده) يعني إن تيسَّر له الغسل قبل الإِدخال، فإِنه يغسلهما وإلا يسع له أن يدخلها في الإِناء، وتركيبه مذكور في «شرح الوقاية»، ونقل الشيخ العيني رضي الله عنه عن ابن عمر بإِسناد قوي أن الحائض إن أدخلت يدها في الإِناء تنجَّس، ولعل فيه تفصيلًا، عنده. وفي «الفتاوى» لابن تيمية عن أحمد رضي الله عنه: أن الجُنُب إن أدخل يده في الماء نجسه، فهاتان المسألتان تدلان على نجاسة الماء المستعمَل، وإنما ذكرتهما لتخليص رقابنا على رواية نجاسة الماء المستعمَل، فكأن لها مُسْكَة أيضًا. وغرض البخاري من هذه الأحاديث إثبات غسل اليدين قبل الاغتراف، والاغتراف قبل غسلهما عند الحاجة ليثبت به طهارة الماء المستعمل، وإن كان التوقي منه مطلوبًا.