٤ - باب مَا يُتَنَزَّهُ مِنَ الشُّبُهَاتِ
٢٠٥٥ - حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ طَلْحَةَ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ مَرَّ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِتَمْرَةٍ مَسْقُوطَةٍ فَقَالَ «لَوْلَا أَنْ تَكُونَ صَدَقَةً لأَكَلْتُهَا». وَقَالَ هَمَّامٌ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «أَجِدُ تَمْرَةً سَاقِطَةً عَلَى فِرَاشِى». طرفه ٢٤٣١ - تحفة ٩٢٣، ١٤٦٨٧، ١٤٨٠٠ ب
ذكر المصنِّفُ في هذا الباب بعضَ الشُّبُهَات ليتوسَّلَ بها إلى نظائرها، ولم يُعْطِ ضابطةً كليةً. ولذا قلتُ: إن حديثَ «الحلالُ بيِّنٌ ... » إلخ، جزيلُ المعنى، ولكن للمجتهدين كالشافعيِّ، وقد مرَّ عليه في «الأم» فليراجع، فإن تلخيصَ كلامه عسيرٌ.
٥ - باب مَنْ لَمْ يَرَ الْوَسَاوِسَ وَنَحْوَهَا مِنَ الْمُشَبَّهَاتِ
٢٠٥٦ - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ عَنْ عَمِّهِ قَالَ شُكِىَ إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - الرَّجُلُ يَجِدُ فِى الصَّلَاةِ شَيْئًا، أَيَقْطَعُ الصَّلَاةَ قَالَ «لَا، حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتًا أَوْ يَجِدَ رِيحًا». وَقَالَ ابْنُ أَبِى حَفْصَةَ عَنِ الزُّهْرِىِّ لَا وُضُوءَ إِلَاّ فِيمَا وَجَدْتَ الرِّيحَ أَوْ سَمِعْتَ الصَّوْتَ. طرفاه ١٣٧، ١٧٧ - تحفة ٥٢٩٩
٢٠٥٧ - حَدَّثَنِى أَحْمَدُ بْنُ الْمِقْدَامِ الْعِجْلِىُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الطُّفَاوِىُّ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّ قَوْمًا قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ قَوْمًا يَأْتُونَنَا بِاللَّحْمِ لَا نَدْرِى أَذَكَرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ أَمْ لَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «سَمُّوا اللَّهَ عَلَيْهِ وَكُلُوهُ». طرفاه ٥٥٠٧، ٧٣٩٨ - تحفة ١٧٢٣٥
أراد الفرق بين الوَسَاوِسِ والشُّبُهَات، لدفع ما كاد أن يَسْبِقَ إلى الأذهان: العمل بالوَسَاوِسِ أيضًا. فنبَّه على أنه يَعْمَلُ بالشُّبُهَات، فَيَحْتَرِزُ عنها دون الوَسَاوِس، فإِنها لا عِبْرَةَ بها.
٢٠٥٦ - قوله: (حتى يَسْمَعَ صَوْتًا) ... إلخ، فهذا الحديث سيِقَ لهَدْرِ الوَسَاوِس، ومعناه: أن الرجلَ إذا تَوَسْوَسَتْ نفسه أنه أحدث أو لم يُحْدِثْ، فإنه لا يَعْمَلُ به، بل بالتيقُّن، وهو في سماع الصوت، أو وجدان الريح. فسماع الصوت مُكنَّى به، وتحقُّق الحدث، مُكَنَّى عنه.
الفرقُ بين الكِنَايَةِ والمَجَازِ، والتَّعْرِيضِ
واعلم أنه تعسَّر الفرق عليهم بين الكِنَايَة، والمَجَاز، لم يتنقَّح عند كثيرٍ منهم بعدُ، وقد تعرَّض إليه الزمخشريُّ تحت قوله تعالى: {فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ} [البقرة: ٢٣٥] إلخ، وهو أحْذَقَ في هذا الباب، ولكن قلَّ من أدركه، فقال: الكِنَايَةُ: أن تَذْكُرَ الشيءَ بغير لفظه الموضوع له، والتعريضُ: أن تَذْكُرَ الشيءَ وتَقْصِد غيره.
وحاصله: أن اللفظَ في الكِنَاية لا يَخْرُجُ عن معناه الموضوع له، وإنما التصرُّف فيه أنك تَطْلُبُ له عنوانًا، فتحمله عليه مع عدم كونه موضوعًا له، نحو: كثيرُ الرماد، للسَّخِيِّ، فإنك ما