أَبِى مُوسَى عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَنْ أَحَبَّ لِقَاءَ اللَّهِ أَحَبَّ اللَّهُ لِقَاءَهُ، وَمَنْ كَرِهَ لِقَاءَ اللَّهِ كَرِهَ اللَّهُ لِقَاءَهُ». تحفة ٩٠٥٣
٦٥٠٩ - حَدَّثَنِى يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَخْبَرَنِى سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ فِى رِجَالٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ وَهْوَ صَحِيحٌ «إِنَّهُ لَمْ يُقْبَضْ نَبِىٌّ قَطُّ حَتَّى يَرَى مَقْعَدَهُ مِنَ الْجَنَّةِ ثُمَّ يُخَيَّرُ». فَلَمَّا نَزَلَ بِهِ، وَرَأْسُهُ عَلَى فَخِذِى، غُشِىَ عَلَيْهِ سَاعَةً، ثُمَّ أَفَاقَ، فَأَشْخَصَ بَصَرَهُ إِلَى السَّقْفِ ثُمَّ قَالَ «اللَّهُمَّ الرَّفِيقَ الأَعْلَى». قُلْتُ إِذًا لَا يَخْتَارُنَا، وَعَرَفْتُ أَنَّهُ الْحَدِيثُ الَّذِى كَانَ يُحَدِّثُنَا بِهِ - قَالَتْ - فَكَانَتْ تِلْكَ آخِرَ كَلِمَةٍ تَكَلَّمَ بِهَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - قَوْلُهُ «اللَّهُمَّ الرَّفِيقَ الأَعْلَى». أطرافه ٤٤٣٥، ٤٤٣٦، ٤٤٣٧، ٤٤٦٣، ٤٥٨٦، ٦٣٤٨ تحفة ١٦١٢٧، ١٦٥٤٦، ١٧٨١٥ ل - ١٣٣/ ٨
واعلم أنَّ الحديثَ كان ظاهرًا في معناه، ولم يكن فيه غموضٌ، لأنَّه لا بحثَ فيه من الكراهة وعدمها عند خصوص الموت. وإنَّما معناه على حدِّ ما يقوله أهلُ العرف أيضًا، ولكنَّ الصِّدِّيقةَ عائشةَ لمَّا حَمَلَتْهُ على خصوص الموت، أشكلَ عليها الأمرُ، والنبيُّ صلى الله عليه وسلّم أجابها على سبيل المجاراة معها، أو على سبيل التنزُّل، فَسَلِمَ السؤالُ في هذا الجزئيِّ أيضًا. ثم ذِكْرُ الجواب على هذا التقدير أيضًا، لا أنَّ الحديثَ واردٌ فيما يُحِبُّه المؤمنُ عند موته بخصوصه.
ومن ههنا عُلِمَ أن ما ذكره الغزالي من سلبِ الإِيمانِ عن بعض أهل البِدَعِ عند الاحتضارِ صوابٌ - والعياذ باللَّه - وذلك لأنَّ المبتدعَ إذا رأى أماراتِ العذاب يكره لقاءَ لربِّ جلَّ مجده، فيكره اللهُ أيضًا لقاءَه، فَيَسْلُب إيمانَه. ولأنَّه إذا أمضى حياتَه في البِدَعِ، وظهرت له حقائقُها عند موته، فيجدها معاصي، يَحْدُثُ له التردُّدُ في سائر الدين، لعلَّه يكون كلُّه كذلك، فَيَسْلُب إيمانَه. أعاذنا اللهُ منه، وأماتنا على الملَّة البيضاء الحنيفية.