المصنف، وحمله على أنه كان حيًا. ثم لا حجةَ لهم في قوله: «إلا أنَّا حُرُمٌ»، لأنه لو كانت فيه حجة، لكان لبعض السلف الذين ذهبوا إلى حُرمة الأكل للمحرم مطلقًا بدون تفصيل في النية. ويجوز لنا أن نحمله على الكراهة تنزيهًا، أو على سد الذرائع، لئلا يجعلَه الناسُ حِيْلة للأكل.
٧ - باب مَا يَقْتُلُ الْمُحْرِمُ مِنَ الدَّوَابِّ
١٨٢٦ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «خَمْسٌ مِنَ الدَّوَابِّ لَيْسَ عَلَى الْمُحْرِمِ فِى قَتْلِهِنَّ جُنَاحٌ». وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ. طرفه ٣٣١٥ - تحفة ٨٣٦٥، ٧٢٤٧ - ١٧/ ٣
١٨٢٧ - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ زَيْدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - يَقُولُ حَدَّثَتْنِى إِحْدَى نِسْوَةِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - «يَقْتُلُ الْمُحْرِمُ». طرفه ١٨٢٨ - تحفة ١٨٣٧٣
قال الشافعية في قتل غير مأكول اللحم من الحيوانات، وهو المَنَاط عندهم، في خمس. وقال مالك: بل المَنَاط العدو. وهو أقوى من مناط الشافعية، لأنه أخذ في النطق المؤذيات، فمعنى الإِيذاءُ فيها ظاهر، بخلاف الأكل، فلا شيء في قتل السَّبُع العادي. واقتصر الحنفية على المنصوص (١)، ويقتل غيرُه من السِّبَاع عند العدو، وإلا لا، وسها مولانا فيض الحسن؛ فأباح قتل السَّبُعِ العادي مطلقًا، سواء عدا بالفعل أو لا. وليس هذا مذهبنا، والصواب ما قررنا.
واعلم أنه قال صاحب «الهداية» مجيبًا عن قياس الشافعية: إن القياس على الفواسق ممتَنِعٌ، لما فيه من إبطالِ العدد، فزعم بعضهم أنه اعتُبر بمفهوم العدد. قلتُ: مراده عبرة العدد في خصوص هذا الموضع لدَلالة الدلائل الخارجية، لا على طريق الضابِطَة الكلية.
١٨٢٨ - حَدَّثَنَا أَصْبَغُ قَالَ أَخْبَرَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمٍ قَالَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَتْ حَفْصَةُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «خَمْسٌ مِنَ الدَّوَابِّ لَا حَرَجَ عَلَى مَنْ قَتَلَهُنَّ الْغُرَابُ وَالْحِدَأَةُ وَالْفَأْرَةُ وَالْعَقْرَبُ وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ». طرفه ١٨٢٧ - تحفة ١٥٨٠٤
١٨٢٨ - قوله: (الكلب العقور)، الكلب أهلي ووحشي، وهما سواءٌ في الحكم، إلا أنَّ المرادَ منه في الحديث الوحشي، عند ابن الهمام، لأنه من الصُّيُود. وعندي المراد منه الأهلي
(١) وفي تقرير الفاضل عبد العزيز أن الحنفية لم يُنقحوا المناط في الأشياء الثلاثة: الغراب، والحِدَأة، والفأرة، وفعلوا ذلك في العقرب، والكلب، فألحقوا المؤذيات من الحشرات كلها بالعقرب، حتى البُرغُوث، فإنه لا جنايةَ بقتله. نعم في القَمل صدقة يسيرةٌ، وفي الكلب تفصيل. ثم إنهم جوزوا قتلَ كل سَبُعٍ إذا عدا. انتهى تعريبه. فانظر فيه.