للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٢٦٨٤ - قوله: (أيَّ الأَجَلَيْن (١) قَضَى موسى) ... الخ، وحاصل الجواب أنه وَفَّى بأكثرِ الأَجَلَين، على دَأْب المراسلين، فإِنَّهم إذا وعدوا بأَمْرٍ مُتردِّدٍ بين الأقل والأكثر، أوفوا بأَكْثْرِهما، ليكونوا أحسنَ أداءً، وأَتمَّ قضاءً.

واعلم أنَّ المُصنِّفَ لم يأت في هذا الباب بما يقومُ حُجَّةً على الْجُهور، وإنما أَخْرج أشياءَ من باب المُروءات.

٢٩ - باب لَا يُسْأَلُ أَهْلُ الشِّرْكِ عَنِ الشَّهَادَةِ وَغَيْرِهَا

وَقَالَ الشَّعْبِيُّ: لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ أَهْلِ الْمِلَلِ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ} [المائدة: ١٤]. وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - «لَا تُصَدِّقُوا أَهْلَ الْكِتَابِ، وَلَا تُكَذِّبُوهُمْ». وَقُولُوا {آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ} [البقرة: ١٣٦] الآيَةَ.

٢٦٨٥ - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ، كَيْفَ تَسْأَلُونَ أَهْلَ الْكِتَابِ، وَكِتَابُكُمُ الَّذِى أُنْزِلَ عَلَى نَبِيِّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَحْدَثُ الأَخْبَارِ بِاللَّهِ، تَقْرَءُونَهُ لَمْ يُشَبْ، وَقَدْ حَدَّثَكُمُ اللَّهُ أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ بَدَّلُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ وَغَيَّرُوا بِأَيْدِيهِمُ الْكِتَابَ، فَقَالُوا هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ، لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا أَفَلَا يَنْهَاكُمْ مَا جَاءَكُمْ مِنَ الْعِلْمِ عَنْ مُسَاءَلَتِهِمْ، وَلَا وَاللَّهِ مَا رَأَيْنَا مِنْهُمْ رَجُلًا قَطُّ يَسْأَلُكُمْ عَنِ الَّذِى أُنْزِلَ عَلَيْكُمْ. أطرافه ٧٣٦٣، ٧٥٢٢، ٧٥٢٣ - تحفة ٥٨٥١ - ٢٣٧/ ٣

قد اعتبرَ المُصنِّفُ فيما مرَّ شهادةَ العبيد؛ وترجم الآن على هَدْرِ شهادةِ الكافر مُطْلقًا، وقال الحنفيةُ (٢): إنَّ شهادةُ الكافرِ على الكافر جائزةٌ، وكذا للمُسْلم، ولا تجوزُ عليه، لقوله تعالى {وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا} [النساء: ١٤١].


(١) فإِنْ قلت: إنَّ خدمةَ الزَّوْج لا تَصْلُحَ مَهْرًا عندنا، فراجع جوابه في "أحكام القرآن" للجَصَّاص، فقد ذكر له وجوهًا عديدة، وهو أجود مما ذكره الشيخ العينيَّ ههنا.
(٢) قلت: روى العلامةُ المارديني عن جابر أن اليهودَ جاؤوا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - برَجُلٍ وامرأةٍ منهم زنيا، فقال لهم رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "ائتوني بأربعةٍ منكم يشهدون"، قال العلامة:
وهذا سندٌ جيِّد؛ وروى ابنُ ماجه عنه أنه عليه الصلاة والسلام أجاز شهادةَ أهل الكتاب بعضهم على بعض، قال العلامةُ: وهذا على شَرْطِ مسلم. وفي "الإِشراف" لابن المُنْذر: وممَّن رأى شهادَتَهم جائزةً بعضهم على بعض: شُريحٌ، وعمرُ بن عبد العزيز، والزُّهري، وقَتادةُ، وحَمَّاد بن أبي سُليمان، والثوري، والنعمان، اهـ "الجوهر النقي" ملخصًا، وراجع معه العَيني.
وفي "المعتصر": وعلى ذلك وجدنا المتقدمين من آئمة الأَمْصار في الفِقه يجيزون شهادةَ أهل الكتاب بعضهم على بعض، وإن اختلفت مِلَلُهم، ففيه خلافٌ: منهم شريحٌ -وهو قاضي الخلفاء الراشدين- عمرُ، وعثمانُ، وعليٌّ؛ والشعبيُّ كان يجيز شهادةَ بعضِهم على بعض، ومنهم عمرُ بنُ عبد العزيز، كان يجيزُ شهادةَ أهلِ الملل بعضهم على بعض، ومنهم ابن شِهاب، ويحيى بن سعيد، وربيعة، والليث إذا اتفقت مِلَلُهم، كالنصرانيُ على النصراني، واليهودي على اليهودي. قال ابن وَهِب: خالف مالكٌ مُعَلميه: كابنِ شِهاب، ويحيى بن سعيد، وربيعة في رَده =

<<  <  ج: ص:  >  >>