وأمّا ما نُقِل من أثر أبي موسى، فلا دليلَ فيه على أنَّ صلاتَه كانت على السِّرْقين، وإنما يُشْتَرَطُ للصلاة طهارة موضع أعضاء السجود، لا غير كما في «فتح القدير». وقي القُدُوري: أن الفرضَ في السجود وَضْعُ الجبهة وإحدى الرجلين فقط، إلاّ أن الصلاة تُكْرَه عندنا إذا كانت النجاسة في حواليه أيضًا. فأثره وإن كان الظاهر منه الطهارة، إلاّ أنه لا يتعيَّن في النجاسة.
شَرَع المصنِّف رحمه الله تعالى في بيان مسألة المياه، وقد مرَّ بعض ما يتعلَّق بها في باب
(١) قلتُ: وقد حرَّرْتُ هذا المقام بعد عَنَاءٍ وتَعَبٍ، فإني كنتُ أتردَّد في أن تلك الرواية عن أحمد رَضِي الله عنه، هل هي في النجاسة الجامدة والمائعة؟ أو الشيء الجامد والمائع؟ أعني أن الفرق من تِلْقَاء النجاسة أو محل وقوعها. ولي فيه قَلَقٌ بعدُ، فإني وَجَدْتُ في جملة التقارير عن الشيخ رضي الله عنه كما ذكرته، ثم رأيت في "الفتح": واستدلَّ بهذا الحديث لإحدى الروايتين عن أحمد رَضِي الله عنه: أن المائعَ إذا حَلَّت فِيه النجاسة لا يتنجَّس إلَّا بالتغير، وهو اختيار البخاري، اهـ. ففيه: أن أحمد رضي الله عنه إنما فَرَّق باعتبار الشيء الذي تقع النجاسة فيه، أنه مائعٌ أو جامدٌ، لا لحال النجاسة، إلّا أن تكون تلك رواية أخرى، وليس عندي فتاوى الحافظ ابن تَيمِيَة لأراجع إليها، فليحرِّره.