رُتْبة في الإِعجاز مِن الآياتِ المُحْكَماتِ (١). ثُم أنَّ ما يَزْعُمه الناسُ مَنْسُوخًا ليس بمنسوخٍ عندي، لبقاء حُكْمه في الجنس، ويكون ذلك تذكارًا لِوُرُود الحُكْم في ذلك الجنس، وإنْ رُفِع الآن عن بَعْضِ أنواعه، وعليه قراءةُ الجرِّ عندي في آية المائدة:{وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ} فإِنَّ المَسْحَ على الأَرْجل ثابِتٌ في حال التَّخَفُّف، ولولا هذه القراءةُ لانعدمت مسألةُ المَسْح على الخُفِّ عن القرآن رأسًا، ففي تلك القراءةِ إيماءٌ إلى أنَّ الأَرْجُل قد يكون لها حَظٌّ مِن المسح أيضًا. فبقاءُ هذا الحُكْم في الجنس هو مفادُ تلك القراءةِ، وقد قَرَّرْناه في كتاب الوضوء.
٨ - باب {وَقَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ}[البقرة: ١١٦]
(١) قلتُ: وقد ذهب الأشعريُّ، والباقِلانيُّ، وابنُ حِبَّان إلى المَنْع عن تفضيل بعض القرآن على بعض، لأن المَفْضُول ناقِص عن درجة الأفْضَل، وأسماءُ اللهِ تعالى وصِفاتُه لا نَقص فيها، والجمهور إلى التفضيل، وهو الذي اختاره الغَزَّالي، وحَقَّقه في "جواهر القرآن" وقال: إنك إنْ لم تكنْ تستطيع تُدْرِكه مِن نور بصيرتِك، فَقَلِّد فيه صاحِبَ الرسالة، فإنَّه قال: {يس (١)} قَلْبُ القرآن، وفاتحةُ الكتابِ أَفْضَلُ السُّوَر. ومنهم مَنْ قال: إنَّ هذا التفضيلَ راجِعٌ إلى مضاعفةِ الثوابِ والأَجْر، لا إلى نَفس النَّظْم. قلتُ: وقد عَلِمت ما حقَّقه الشيخُ، أن الآياتِ التي نُسِخت تلاوتُها دون الآياتِ المُحْكَمات في باب البلاغة. وراجع البحث في مَوْضَعه.