قوله:(فهجرته، ولم تكلمه) أي في ذلك الأمر، ولكن لم يذهب الشارحون إلى هذا المعنى. ولو ذهبوا إليه لتخلصوا عن إشكال الجهال.
قوله:(ولم ننفس عليك)(هم ني ريس نهين كى).
قوله:(موعدك العشية للبيعة) قال الأشعري: إنه يكفي للبيعة الرجل، والرجلان، فإن كان على تأخر عن بيعة أبي بكر، فقد كان ألوف من الصحابة قد بايعوه، وأما وجه تأخر علي عن بيعته، فما في البخاري أنه أحس من أبي بكر استبدادًا في أمر الخلافة، وكان له طمع أن يدخل هو أيضًا في المشورة لقرابته من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، كما في البخاري: ص ٦٠٩ - طبع الهند-، تشهد علي، فقال. إنا قد عرفنا فضلك، وما أعطاك الله، ولم ننفس عليك خيرًا ساقه الله إليك، ولكنك استبددت علينا، الخ. وما كان لأبي بكر أن يستبد فيه، ولذا لما سمع من مقالته فاضت عيناه من شدة الوجد، ويعلم من تفسير "الإتقان" وجه آخر، وقد أخرج فيه السيوطي أثرًا، وصححه أن عليًا كان حلف بعد وفاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه لا يخرج من البيت حتى يجمع القرآن، فكان فيه إلى ستة أشهر، وهو مدة حياة فاطمة بعد النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهذا يدل على أن عدم خروجه إلى البيعة كان لأمر آخر.
[باب استعمال النبي - صلى الله عليه وسلم - على أهل خيبر]
قوله:(بع الجمع بالدراهم) وفيه حيلة لإسقاط الربا، فهذا أصل لجواز الحيل، لا يمكن إنكاره، كما لا يمكن القول بجواز جميعها، وقد بحث فيه الفقهاء، قلت: وذلك خارج عن وسعنا، فإنا لا نقدر أن نعين مراتب الجواز وعدمه، مع القطع بجواز بعضها دون بعض، فهو موكول إلى رأي المجتهدين، وراجع لفظ الخطابي من "المشكاة"، وعقد قاضي خان بابًا مستقلًا لحيل الربا، وهو من أجلة أصحاب التصحيح، والترجيح ذكره العلامة القاسم في كتاب "التصحيح والترجيح".
[باب الشاة التي سمت للنبي - صلى الله عليه وسلم -]
وكان بعض الصحابة رضي الله تعالى عنهم أيضًا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - على ذلك الطعام، فتوفي منهم رجل، ولكن النبي - صلى الله عليه وسلم - بقي حيًا، واستكمل حياته التي كتبها الله له، حتى ظهر أثره في آخر عمره، فوجد منه انقطاع أبهره، وحصلت له الشهادة (١) الباطنية.
(١) أخرج الحافظ في -باب مرض موت النبي - صلى الله عليه وسلم -- عن الواقدي قصة الشاة الي سمّت. فقال في آخرها: وعاش بعد ذلك ثلاث سنين، حتى كان وجعه الذي قبض فيه، وتوفي شهيدًا، اهـ: ص ٩٢ - ج ٨ "فتح الباري" =