وقد مَرَّتْ قَبْلَها ترجمةٌ مثلُها: - باب: مَنْ أَمَرَ غيرَ الإِمَام بأِقَامَةِ الحدِّ غائبًا عنه، فلا بُدَّ مِنَ الفَرْقِ بينَهُمَا.
فأقول: إنَّ المقْصُودَ في تلكَ الترجمةِ بيانُ أنَّ الإِمامَ هل لهُ ولَايةٌ على تَوْلِيةِ غَيْرِهِ لإِقامةِ الحدِّ؟ وكان المقصودُ فيما سَبَقَ هو حالُ الغَيْرِ، أي هل للغيرِ إقامة الحَدِّ عند غَيْبُوبةِ الإِمامِ إذا كان وَلَّاه عليها، ولذا لف الفاعل ههنا، ولم يُصرح أَنَّ الآمِرَ مَنْ هو، وإِنْ كان الآمِرَ في الخارجِ هو الإِمامُ، إلا أَنَّ الغَرَضَ فيه لم يَكُنْ إلا حالَ المأمورِ، بخلافه في تلك الترجمة، فإنَّ المحط بيان حال الإِمام، ولذا صرَّح بهِ، وقال: وهل يأمرُ الإِمامُ ... إلخ، وحينئذ يَخْتَلِفُ الجوابُ فيهما أيضًا، فإنَّ جوابَ التَّجمةِ السَّابِقَةِ أَنَّهُ يجوزُ للغيرِ إقامةُ الحدِّ، إذا كان الإِمامُ أَمَرَهُ بِهِ، كما أقامَهُ أُنيسٌ في قِصة العَسِيف؟ وجوابُ تلك الترجمةِ: أَنَّ لزِمامِ ولايةٌ لتوليةِ الغيرِ عليها، كما ولى النبيُّ صلى الله عليه وسلّم أُنيسًا على إقامةِ الحدِّ، فافترقتا، وبعبارة أخرى: إن الترجمة السابقة كانت في قوله: «فَرَجَمَها»، وهذه التَّرْجَمةُ في قوله:«أغْدُ يا أُنيس». وحينئذٍ لم يَبْقَ بينهما التباسٌ، واللَّهُ تعالى أعلمُ بالصَّواب.