(٢) قال البَيْهَقيّ: يُحْتَمَلُ أَنَّهُما قِصَّتَان، وهو الأَظْهَر. قال العلامةُ المارْدِيني: كونُهما قِصَّتَين في غاية البُعْدِ، والصوابُ التَّرْجِيح، وروايةُ حُمَيْد فيه أرجح مِنْ رِوَايةِ ثابت، ولهذا أخرَجَهَا البُخَاريُّ دون رِوَايةِ ثابت. وفي شرح مسلم للنَّووي، قال العلماء: المَعْرُوفُ في الرِّوَاياتِ رِوَايةُ البُخاري، ثُمَّ أجابَ العلامة عمَّا رُويَ عن الزُّهْري، بطريقِ المُعَارَضَةِ، فقال: وقد جاءَ عن الزُّهري خِلافُ ذلك، قال: لا يُقصُّ للمرأةِ مِن زَوْجِها، ذَكَرهُ ابنُ أبي شيبةَ بسندٍ صحيح. وفي "موطأ مالك": سمع ابنُ شِهَابٍ يقول: مَضتِ السُّنَّةُ أَنَّ الرَّجُلَ إذا أصابَ امرأتَهُ بجُرْحٍ أَن عليه عَقْلُ ذلك الجُرح، ولا يُقَادُ منه، والمرادُ بذلك ما دُون النَّفْسِ، إذ لو قَتَلَها، قُتِلَ إجماعًا، حكاهُ غيرُ واحدٍ من العلماء. ولابنِ أبي شيبة بسندٍ صحيح عن الحسنِ في رَجُلٍ لَطَمَ امرأةً فأبتْ بطَلَبِ القِصَاص، فجعلَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بينهما القِصَاصَ -هكذا وجدتُ في النَّسخَةِ الموجودة عندنا. والظاهر: فأَبَت إلا بِطَلَبِ القِصَاص- فأَنْزَل اللهُ تعالى: {وَلَا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ} [طه: ١١٤]، ونَزَلت: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ} [النساء: ٣٤] وله أيضًا بسندٍ صحيحٍ عن محمد بنِ زياد، وهو الأصْبَهاني: قال: "كانت جَدَّتي أُمُّ ولدِ عثمانَ بنَ مظعون، فلمَّا ماتَ: جَرَحَها ابنٌ له، فذكرتُ ذلك لعمرِ بنِ الخطَّاب، فقال له عَمر: إعْطها أَرْشَاً بما صنعتَ بها" اهـ مختصرًا، ص ١٥٠ وص ١٥١ "الجوهر النقي". قلتُ: وما اختَارَهُ المارديني هو الذي ذَهَبَ إليه الشيخُ، كما مرَّ.