أقبح الهيئة في صلاته، كانبساط الكلب، والتفات الثعلب، ونَقْرَة الدِّيك، أو الغُرَاب، وعُقْبَة الشيطان، وبروك الجمل، وتوطين البعير، وتذبيح الحمار (١). فمن كان خُلِقَ على أحسن تقويمٍ، لا ينبغي له أن يَحْضُرَ بين يدي خالقه على هيئة الأنعام.
الآن تَرْجَم المصنِّفُ رحمه الله تعالى على جَلْسَة الاستراحة، وَفَهِمَ منها الحافظُ رحمه الله تعالى: أنه اختارها، وأنها سنةٌ عنده. قلتُ: أمَّا كونها سنةً، فقد عَلِمْتَ حاله ممَّا قاله أيُّوبُ رضي الله عنه آنفًا، نقل عن أحمد رحمه الله تعالى من عدم ثبوتها في الأحاديث إِلا قليلا، ومن اختياره الترك بنفسه، وإن ثَبَت عنه في الآخر، فهو الكِبَر لا للرُّجُوع عنه كما فُهِمَ، وأمَّا كون المصنِّف رحمه الله تعالى اختاره، فلا دليلَ فيه أيضًا، لأنه لم يُفْصِح به، بل وضع لَفظ:«مِنْ إشارةً إلى خِفَّة أمرها، كأنه أشار إلى مُسْكة من اختار الرفعَ، والنظرُ إذا دار في مسألةٍ فَعَلَ فيها المصنِّفُ رحمه الله تعالى كذلك، ولا يتولَّى به بنفسه.
وقد مرَّ مِنَّا أن من جَلَس جَلْسة الاستراحة، فلا يَخْلُو إمّا أن يُكبِّرَ للنهوض تكبيرةً أخرى، أو يطوِّلَ تكبيرةَ الرفع من السجود، أو يقطعها. فعلى الأول يَلْزَمُ الزيادة على أعداد التكبير، وعلى الثاني يَلْزَمُ العُسْر، وعلى الثالث يَلْزَمُ خلاف المعهود من التكبير عند كل خفضٍ ورفعٍ. وليس هذا إِلا لِمَا عَلِمْتَ من خُمُولها، فإِن الشيءَ إذا خَمَلَ ونَدَرَ، قلَّ عنه البحثُ، والفحصُ والتأصيلُ، والتفريعُ كما مرَّ آنفًا في قراءة الفاتحة ورفع اليدين.
واعلم أن الاعتمادَ على الأرض في القِعْدَة مكروهٌ بلا خلافٍ، وإنما الخلاف في الاعتماد عند النهوض. واختاره الشافعيةُ، وكان ابن عمر رضي الله عنه يفعله. وبوَّب أبو داود: بكراهية الاعتماد على اليد في الصلاة، وأخرج فيه عن ابن عمر حديثًا اخْتُلِفَ في ألفاظه، ولفظ عبد الملك: «نهى رسولُ الله صلى الله عليه وسلّم أن يَعْتَمِدَ الرجلُ على يديه إذا نَهَضَ في الصلاة ... » إلخ. وهذا عينُ نقيض ما ذَهَبَ إليه الشافعيةُ، إلا أنهم لمَّا اختاروه التزمتُ جوابه، لكن أنكرتُ كونه سنةً - أعني كونه مطلوبًا عند الشرع - فأمرُه عندي أخفُّ من جِلْسَة الاستراحة أيضًا.
والذي يَظْهَرُ عندي أن ابن عمر رضي الله عنه كان يَفْعَلُه من اجتهاده، لأنه لم يكن يتسعينُ بالرُّكَب عند الخُرُور إلى السجود والرفع منه. فإِذا رفع رفع كذلك، زعمًا منه أو وضعَهما على الرُّكْبَتَيْن انقطاعٌ لسجودهما، ونقصٌ فيه، فإِنهما إذا ارتفعتا للسجود، فتمامية سجودهما: أن