للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وما يدلُّكَ على أن الكلامَ نُسِخ بالمدينةِ (١) حديثُ زَيْدِ بنِ أَرْقَمِ الذي أخرجه المُصنِّف رحمه الله تعالى. فإِنَّه مِمَّن لم يدخل مكةَ قط، مع أنه يروى أنه وُجِدَ زمانَ جوازِ الكلام ونَسْخِه كليهما، فدلَّ على أن الكلام كان جائزًا في المدينة أيضًا إلى زمنٍ أَدْرَكَه زيدُ بنُ أرقم، ثم إنَّه نُسِخ كما رواه. فلو كان نَسْخُ الكلامِ بمكةَ كما زَعَموا لم يكن لزيدٍ بنِ أَرقم أَنْ يُدْرِكه ويرويه، ويروي نَسْخه أيضًا، مع أن الآية مَدنيةٌ باتفاقٍ بيننا وبينهم فادِّعاءُ النَّسْخ بمكةَ بعيدٌ جدًا. ومعنى قوله تعالى: {وَقُومُواْ لِلَّهِ قَنِتِينَ} [البقرة: ٢٣٨] أي متأدِّبين، فالسكوتُ من لوازِمه لا مِن مَدلولِه هذا هو المرادُ عندي. ولما اختار الشافعيُّ رحمه الله تعالى القُنوت في الفجر، أراد من الصلاةِ الوسطى الفَجْرَ لِيَرْتَبِطَ بها القنوتُ. فالقُنوت عندَه على الدعاءِ المعروف.

٣ - باب مَا يَجُوزُ مِنَ التَّسْبِيحِ وَالْحَمْدِ فِى الصَّلَاةِ لِلرِّجَالِ

١٢٠١ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِى حَازِمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَهْلٍ - رضى الله عنه - قَالَ خَرَجَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يُصْلِحُ بَيْنَ بَنِى عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ، وَحَانَتِ الصَّلَاةُ، فَجَاءَ بِلَالٌ أَبَا بَكْرٍ - رضى الله عنهما - فَقَالَ حُبِسَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَتَؤُمُّ النَّاسَ قَالَ نَعَمْ إِنْ شِئْتُمْ. فَأَقَامَ بِلَالٌ الصَّلَاةَ، فَتَقَدَّمَ أَبُو بَكْرٍ - رضى الله عنه - فَصَلَّى، فَجَاءَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَمْشِى فِى الصُّفُوفِ يَشُقُّهَا شَقًّا حَتَّى قَامَ فِى الصَّفِّ الأَوَّلِ، فَأَخَذَ النَّاسُ بِالتَّصْفِيحِ. قَالَ سَهْلٌ هَلْ تَدْرُونَ مَا التَّصْفِيحُ هُوَ التَّصْفِيقُ. وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ - رضى الله عنه - لَا يَلْتَفِتُ فِى صَلَاتِهِ، فَلَمَّا أَكْثَرُوا الْتَفَتَ فَإِذَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فِى الصَّفِّ، فَأَشَارَ إِلَيْهِ مَكَانَكَ. فَرَفَعَ أَبُو بَكْرٍ يَدَيْهِ، فَحَمِدَ اللَّهَ، ثُمَّ رَجَعَ الْقَهْقَرَى وَرَاءَهُ وَتَقَدَّمَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَصَلَّى. أطرافه ٦٨٤، ١٢٠٤، ١٢١٨، ١٢٣٤، ٢٦٩٠، ٢٦٩٣، ٧١٩٠ - تحفة ٤٧١٧

٤ - باب مَنْ سَمَّى قَوْمًا أَوْ سَلَّمَ فِى الصَّلَاةِ عَلَى غَيْرِهِ مُوَاجَهَةً وَهُوَ لَا يَعْلَمُ

١٢٠٢ - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عِيسَى حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ الصَّمَدِ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ حَدَّثَنَا حُصَيْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِى وَائِلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ - رضى الله عنه - قَالَ كُنَّا نَقُولُ التَّحِيَّةُ فِى الصَّلَاةِ وَنُسَمِّى، وَيُسَلِّمُ بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ، فَسَمِعَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «قُولُوا التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ وَالصَّلَوَاتُ وَالطَّيِّبَاتُ، السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِىُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَاّ اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ


(١) واعلم أن الكلام في حديث ذي اليدين أطولُ من أطول. ثُمَّ البحثُ في كون ذي اليدين وذي الشمالين رجلًا واحدًا أو متعددًا أطولُ منه. لم يتعرَّض إليه الشيخُ رحمه الله تعالى ههنا، لأنه كان قد فَرَغ منه في درس الترمذي. وقد ذَكَرْتُ نبذةً منه مِن قبل. وإنَّما كان جُلُّ هَمِّ الشيخ رحمه الله تعالى في البخاري إلى بيانِ أغراضِ المصنف رحمه الله تعالى، أو بَعْضِ مقاصدَ عاليةٍ أخرى فاعلمه.

<<  <  ج: ص:  >  >>