في الخيول، لأنه ليس في رِقابها حقُّ سوى الزكاةِ. فإِنَّ العارِيّة، وغيرها كُلُّها حقوقٌ تتعلَّق بالظَّهر. فهذا اللفظُ يُشْعِرُ بكون الزكاة في الخيلِ، كما هو مذهب الحنفية، وتأويلُ النوويِّ بعيدٌ، وإنَّما خَفي أمْرُ الزكاةِ فيها لكونها في عهْد النبيِّ صلى الله عليه وسلّم قليلةً جدًا، وقد أخرج الزَّيلعي (١) ثلاثَ وقائعَ لأَخْذ الزكاة منها في زمن عُمرَ.
قوله:(ما أُنْزلَ الله عليَّ فيه شيءٌ، إلا هذه الآية الجامِعةُ الفاذَّةُ) ... الخ، وأَخَذْتُ منه فائدتين: الأُولى أنَّ الخاصَّ والعامَّ إذا تعارضا فالترجيحُ للخاصِّ، والثانية: أنَّ الأَخْذَ بالعمومِ إنَّما يكونُ بعد انعدامِ الخصوص في الباب، ولذا قال النبيُّ صلى الله عليه وسلّم «إنه ليس عندي» خاصّ يكونُ وَردَ في هذا الباب غير العموم، ولو كان لأَتى به.
١٤ - باب بَيْعِ الْحَطَبِ وَالْكَلإِ
٢٣٧٣ - حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لأَنْ يَأْخُذَ أَحَدُكُمْ أَحْبُلًا، فَيَأْخُذَ حُزْمَةً مِنْ حَطَبٍ فَيَبِيعَ، فَيَكُفَّ اللَّهُ بِهِ وَجْهَهُ، خَيْرٌ مِنْ أَنْ يَسْأَلَ النَّاسَ أُعْطِىَ أَمْ مُنِعَ». طرفاه ١٤٧١، ٢٠٧٥ - تحفة ٣٦٣٣
(١) قلت: وقد ذكرها المارديني: الأول للسائب بن يزيد، والثانية لأبيه يزيد، أنهما كانا يأخذانِ صَدَقتَهما، فيؤدِّيانِها إلى عمرَ، وسردها بأسانيدها، وكذا احتجَّ بقوله: "لم ينس" الخ، على الزكاةِ، وذكر القرينَة عليه مما في الصحيح في أول الحديث: "ما مِن صاحب كنز لا يؤدي زكاته، وما من صاحب إبل لا يؤدي زكاتِها، وما من صاحب غنم لا يؤدي زكاتها". اهـ. فالسياق كله في الزكاة، فكيف يلائم أن يكون المرادُ من الحقوق في الفرس غير الزكاة، اهـ بغاية اختصار مع تغيير.