للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٦٤ - باب صَلَاةِ النِّسَاءِ خَلْفَ الرِّجَالِ

٨٧٠ - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ قَزَعَةَ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ هِنْدٍ بِنْتِ الْحَارِثِ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا سَلَّمَ قَامَ النِّسَاءُ حِينَ يَقْضِى تَسْلِيمَهُ، وَيَمْكُثُ هُوَ فِى مَقَامِهِ يَسِيرًا قَبْلَ أَنْ يَقُومَ. قَالَ نَرَى - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - أَنَّ ذَلِكَ كَانَ لِكَىْ يَنْصَرِفَ النِّسَاءُ قَبْلَ أَنْ يُدْرِكَهُنَّ أَحَدٌ مِنَ الرِّجَالِ. تحفة ١٨٢٨٩

٨٧١ و ٨٧٢ - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ إِسْحَاقَ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ صَلَّى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فِى بَيْتِ أُمِّ سُلَيْمٍ، فَقُمْتُ وَيَتِيمٌ خَلْفَهُ، وَأُمُّ سُلَيْمٍ خَلْفَنَا. أطرافه ٣٨٠، ٧٢٧، ٨٦٠، ٨٧٤، ١١٦٤ - تحفة ١٧٢

ويستفاد من الأحاديث أن النِّسَاءَ كُنَّ يَحْضُرْنَ الجماعات في المكتوباتِ والعيدين مطلقًا. وكذا في هذا الكتاب: «لا تمنعوا إماءَ اللَّهِ عن المساجدِ». فهذا عَمَلٌ وذاك قَوْلٌ. ومع ذلك ذهبَ الفقهاءُ إلى التضييق. ومَنَعَهُنَّ المتأخرونَ مِن الخروج مطلقًا. ويؤيد ما عند أبي داود عن عائشةَ رضي الله عنها قالت: «لو أَدْرَكَ رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلّم ما أحدثَ النِّساءُ لَمَنَعُهنَّ المساجدَ كما مُنِعَتْ نساءُ بني إسرائيلَ». وهو عندي عن ابن مسعود رضي الله عنه مرفوعًا. وقِصَّةُ عمرَ رضي الله عنه مع زوجَتِه حيثُ كانت تَذْهَبُ إلى المسجد. وهي في البخاري ومَرَّت من قِبَلْ. ورَاجِع كَرَاهةَ خُرُوجِهنَّ عن ابن المُبَارك عن الترمذي.

واعلم أن ههنا سِرًّا (١) وهو أَني لم أَرَ في الشريعة تَرغيبًا لهن في حضورهن الجماعة، بل عند أبي داود ما يخالِفُه، فعن ابن مسعود رضي الله عنه مرفوعًا قال: «صلاةُ المرأةِ في بيتِها أَفْضَلُ مِن صلاتها في حُجْرَتِها، وصلاتُها في مَخْدَعِها أَفْضَلُ مِن صلاتِها في بيتها». اهـ. وهذا يدلُّ على أنَّ مَرْضَى الشَّرْع أن لا يَخْرُجن إلى المساجدِ. وفي حديث آخر: «إنْ كان لا بُدَّ لَهُنَّ مِن الخروجِ فليخرجن تَفِلاتٍ بدونِ زينةٍ، فلا يَتَعَطَّرْنَ، فإِن فَعَلْن فهنَّ كذا وكذا». يعني زوانٍ. فهذه إباحةٌ لا عن رضاءٍ منه، كإباحة الفاتحة للمُقْتَدين. فلم يرغِبْهُنَّ في الخروج، ونهى الأزواجَ عن مَنْعِهنَّ عن الخروج أيضًا.


(١) وهذا هو السِّرُ في حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعًا عند الترمذي: "خيرُ صفوفِ الرجال أَولُها، وشرُّها آخِرُها وخيرُ صفوف النساء آخِرُها، وشَرُّها اْوَّلُها" اهـ. فإن المرءَ يتعجبُ منه في أول نظرةِ، لكون الصلاة خير موضوع، فلا يكون في صفوفها شَرّ. ولكن إنما جاء الشَّرّ فيها من جهةِ قُرْب النساء من الرجال. فكُلُّ صف كان أقربَ منهن. أو كان أقرب منه كان شرًا، لا بمعنى أن فيه شرًا الآن، بل بمعنى أنه على شفا جُرُف هارٍ. فالشرُّ في حواليه ليس بينه وبين حاجِب، فهذا نحوُ تَلميح للنساء أنْ لا يَحْضُرْنَ الجماعاتِ من عرض الكلام، لا بصريح القول، فإِن الحضور إلى الجماعاتِ خير لا ينبغي لصاحب النبوةِ أن ينهى عنه في زمانه، ولكنه يُفْهم من أطراف الكلام أن رضاءه في عدم الحضور وهو الشاكلةُ في سماعه غناءَ الجاريتين، فإِنَّه لم يكن يستمع لغنائهما وكان متغشِّيًا بالثوب، ومع ذلك لم يَنْه عنه أيضًا، وستقرره في موضعه إن شاء الله تعالى. وبالجملة هذا الحديثُ أيضًا يُبنى على ترغيبهن بعدم حضورِهن الجماعاتِ، هكذا فهمت من كلام الشيخ رحمه الله تعالى في درس الترمذي، والله تعالى أَعلم بالصواب.

<<  <  ج: ص:  >  >>