للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يتولى به الحاكم عنده مُطلقًا. وللحنفية خلافٌ فيهما، فإِن أكثرَ مدّة الحمل عندنا سنتان، وأم التفريق من القاضي فليس عندنا إلا في باب اللعان.

والثالثة: ما لا تَناقُض فيه في الظاهر، ولا في المَبْنى، إلا أن بينهما شَبَه التناقض، والتناقض بأنواعه لا يُحْتمل في الدِّين. فَمَن يفتي بمذهب مالك في مسألة المفقود يلزم عليه التناقض من حيثُ لا يدريه، فإِنه يفتي بمذهبه، ولا يشعر بأنه قد التزم في ضمنه كونَ أَكْثر مُدّةِ الحمل سنتين، وأربع سنين معًا، وكذا لا يشعر بأنه ابتُلي في التناقض في مسألة التفريق، ولو دراه لَعَلِم أنه بإِفتائه هذا قد هَدم أبوابًا من فِقْه الحنفية، وإن زعم في الظاهر أنه لم يخالفه إلَّا في تلك الجزئيةِ. فلمسائلِ الأئمة سليلةٌ وارتباط فيما بينهما، وليست على طريق البخت والاتفاقِ، والاطلاعُ على أصولها، ودَرْكُ مبناها، مما يعز في هذا الزمان، فليحذر في مثل هذه المواضع، ولينظر في أن له حقًا لذلك أَوْ لا، وإنّما هو لمن كان عنده عِلْمٌ بمسائل الأئمة، ومبناها، وذَوْقٌ بمدارك الفقهاء ومغزاهم، وإلَّا فهو رَكِبَ مَتْن عمياء، وخَبط خَبْط عشواء.

قوله: (اللهم عن فلانٍ، فإِن أتى، فَلي، وعليَّ)، أي فإِن أتى صاحِبُها، فأَجْرُ التصدُّق لي، والغرامة عليّ. وعلم منه ما كان طريقُ الإِثابة عند السلف، فاعلمه، فإنه مهم. أقول: فحينئذٍ لا حاجةَ في إيصال ثوابِ العبادات إِلاّ أَنْ يقال: إني أَصُوم عن فلان، وأَهَبُ ثوابَه لفلان، فأَرْسله مني مثلًا، فالطريق المأثور، كما هو المذكور.

٢٣ - باب الظِّهَارِ، وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {قَدْ سَمِعَ اللهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا} إِلَى قَوْلِهِ {فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا} [المجادلة: ١ - ٤].

وَقَالَ لِي إِسْمَاعِيلُ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ: أَنَّهُ سَأَلَ ابْنَ شِهَابٍ عَنْ ظِهَارِ الْعَبْدِ، فَقَالَ: نَحْوَ ظِهَارِ الْحُرِّ، قَالَ مَالِكٌ: وَصِيَامُ الْعَبْدِ شَهْرَانِ. وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ الْحُرِّ: ظِهَارُ الْحُرِّ وَالْعَبْدِ، مِنَ الْحُرَّةِ وَالأَمَةِ، سَوَاءٌ. وَقَالَ عِكْرِمَةُ: إِنْ ظَاهَرَ مِنْ أَمَتِهِ فَلَيْسَ بِشَىْءٍ، إِنَّمَا الظِّهَارُ مِنَ النِّسَاءِ. وَفِى الْعَرَبِيَّةِ {لِمَا قَالُوا} أَىْ فِيمَا قَالُوا، وَفِى بَعْضِ مَا قَالُوا، وَهَذَا أَوْلَى، لأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَدُلَّ عَلَى الْمُنْكَرِ وَقَوْلِ الزُّورِ.

دخل في باب الظهار.

قوله: (وقال الحسنُ: ظِهار الحرّ) ... إلخ. وهي مسألة (١) أنَّ الطلاق بالرِّجال، أو بالنِّساء؟ وراجع له الفِقْه.


(١) قال ابن رُشد: وأما اختلافُهم في اعتبار نقص عدد الطلاق البائن بالرِّق، فمنهم مَنْ قال: المعتبر فيه الرجال، فإِذا كان الزوج عبدًا كان طلاقُه البائن الطلقة الثانية، سواء كانت الزوجةُ حرةً، أو أَمَة. وبهذا قال مالك، والشافعيّ، ومن الصحابة عثمانُ بن عفان، وزيدُ بن ثابت، وابنُ عباس، وإن كان اختلف عنده في ذلك، =

<<  <  ج: ص:  >  >>