٢٠ - كتاب فَضْلِ الصَّلاةِ في مَسْجِدِ مَكَّةَ وَالمدِينَة
١ - باب فَضْلِ الصَّلَاةِ فِى مَسْجِدِ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ
١١٨٨ - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ أَخْبَرَنِى عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ عَنْ قَزَعَةَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ - رضى الله عنه - أَرْبَعًا قَالَ سَمِعْتُ مِنَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَكَانَ غَزَا مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - ثِنْتَىْ عَشْرَةَ غَزْوَةً ح. أطرافه ٥٨٦، ١١٩٧، ١٨٦٤، ١٩٩٢، ١٩٩٥ - تحفة ٤٢٧٩
١١٨٩ - حَدَّثَنَا عَلِىٌّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لَا تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلَاّ إِلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، وَمَسْجِدِ الرَّسُولِ - صلى الله عليه وسلم - وَمَسْجِدِ الأَقْصَى». تحفة ١٣١٣٠
١١٨٩ - قوله:(لا تُشَدُّ الرِّحالُ ... ) إلخ. وقد افتتن الحافظُ ابنُ تيميةَ رحمه الله تعالى لأجل هذا الحديث في الشام مَرَّتين. فَحُبِس مرةً مع تلميذِه ابنِ القيِّم رحمه الله تعالى، وأخرى وَحدَه حتى تُوَفِّي فيه. وكانَ مِنْ مذهِبه أنَّ السفرَ إلى المدينةِ لا يجوز بِنِيَّة زيارةِ قَبْره صلى الله عليه وسلّم لأجل هذا الحديث. نعم يُستحَب له بنيةِ زيارةِ المسجد النبويّ، وهي من أعظمِ القُرُبات، ثُم إذا بلغ المدينةَ يُستحب له زيارةُ قَبْرِه صلى الله عليه وسلّم أيضًا، لأنه يصيرُ حينئذٍ من حوالي البلدة، وزيارةُ قبورها مُستحبةٌ عنده. وناظرَهُ في تلك المسألةِ سراجُ الدين الهندي الحنفي، وكان حسن التقرير، فلما شَرَع في المناظرةِ جَعَل الحافظ ابن تيميةَ رحمه الله تعالى يَقْطَعُ كلامَ الهندي، فقال له: ما أنت يا ابنَ تيميةَ إِلا كالعُصْفور ... إلخ.
وقال الشيخ ابن الهُمام رحمه الله تعالى: إنَّ زيارةَ قبرِه صلى الله عليه وسلّم مستحبةٌ، وقريبٌ من الواجب. ولَعلَّهِ قال قريبًا من الواجبِ نظرًا إلى هذا النِّزاع. وهو الحقُّ عندي، فإِنَّ آلافَ الأُلوف مِن السَّلَف كانوا يَشُدُّون رِحالَهم لزيارةِ النبيِّ صلى الله عليه وسلّم ويزعُمُونها مِن أعظم القُرُبَاتِ، وتجريدُ نِيَّاتِهِم أنها كانت للمسجدِ دونَ الروضةِ المباركةِ باطل، بل كانوا يَنوُون زيارةَ قبرِ النبيِّ صلى الله عليه وسلّم قطعًا. وأَحْسَن الأجوبةِ عندي أن الحديثَ لم يَرِدِ في مسألةِ القبور، لما في «المسند»(١) لأحمدَ رحمه الله تعالى: «لا تُشَدُّ الرِّحَالُ إلى مسجدٍ لِيُصَلَّى فيه إلا إلى ثلاثةِ مَساجِدَ». فدلَّ على أنَّ نَهْي شَدِّ الرِّحال يقتصِرُ على المساجد فقط، ولا تعلُّقَ له بمسألةِ زيارةِ القُبور. فَجَرُّهُ إلى المقابرِ
(١) وعند مالك في موطئه ص ٣٨ لا تعمل المطي إلا إلى ثلاثة مساجد إلى المسجد الحرام والى مسجدي هذا وإلى مسجد إيليا. أو بيت المقدس اهـ.