للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

غالبًا على لون الدم كان في حُكْم المسك طاهرًا. وكذلك الماء يُعْتبر فيه الغَلَبة. ويمكن أن يكون تَعَرَّضَ إلى العبرة بالأوصاف، فإنه ذَكَرَ في الترجمة الطَّعْم والريح، فأَراد التنبيه على أن الشيء يتغير بأوصافه كما أن الدم تَغَيَّرَ عن أصله لأجل ريح المسك، والله تعالى أعلم.

٧٢ - باب الْمَاءِ الدَّائِمِ

٢٣٨ - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ قَالَ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو الزِّنَادِ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ هُرْمُزَ الأَعْرَجَ حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «نَحْنُ الآخِرُونَ السَّابِقُونَ». أطرافه ٨٧٦، ٨٩٦، ٢٩٥٦، ٣٤٨٦، ٦٦٢٤، ٦٨٨٧، ٧٠٣٦، ٧٤٩٥ تحفة ١٣٧٤٤ - ٦٩/ ١

وقد تكلم الشارحون في مناسبة قوله: (نَحْنُ الآخِرُون السَّابِقُون) مع الباب، وذهبوا في بيانها كل مذهب وأبعدوا بُعْدًا بعيدًا. والأمر أنَّ هذا الأعرج كانت عنده صحيفة تحتوي على أحاديث، وقد أخذ عنها البخاري أحاديث، كما أن عند مسلم أيضًا صحيفةً عن همَّام وقد أخذ عنها أيضًا، ثم يشير كلٌّ منهما إلى تلك الصحيفة بطريق مخصوص. أما البخاري فيذكر أول حديثه وهو: «نحنُ الآخِرُون السابِقون» ثم يخرِّجُ ما يكون مناسبًا لترجمته، وأما مسلم فيقول: فَذَكر أحاديثَ منها هذا الحديث. فإِبداء المناسبة في هذه المواضع تَكَلُّفٌ بارد. والوجه ما قلنا: إنَّه إشارةٌ إلى كونِ هذا الحديث من الصحيفة التي أولها حديث: «نحنُ الآخِرُون، السابِقون ... » إلخ، كإِشارة مسلم إليها بقوله: «فذكر أحاديث» وهذا الحديث منها. وقد فَعَل المصنف رحمه الله تعالى مثله في كتاب الجمعة. وكتاب الأنبياء.

٢٣٩ - وَبِإِسْنَادِهِ قَالَ «لَا يَبُولَنَّ أَحَدُكُمْ فِى الْمَاءِ الدَّائِمِ الَّذِى لَا يَجْرِى، ثُمَّ يَغْتَسِلُ فِيهِ». تحفة ١٣٧٤٢

٢٣٩ - قوله: (الماء الدَّائم الذي لا يَجْرِي) وقد تَعَسَّر الفَرْقُ على الناس بين الدائم والراكد، حتى كاد يختفي عليهم، فقال بعضهم: الذي لا يجري، صفة كاشفة، وعندي بينهما فرقٌ كثير، فالدائم للماء الذي يدوم أصلُه، ولا ينقطع، سواء كان تحته مددٌ كالبئر أو لا، والراكد ضد الجاري سواء كان دائمًا أو لا. فالدوام باعتبار البقاء الزماني، وحينئذ قيد الذي لا يجري للاحتراز عما كان دائمًا وجاريًا، ولذا لا يذكر هذا القيد مع الراكد، فإِن الراكد معناه أنه لا يجري بخلاف الدائم، فإِنَّه قد يكون جاريًا كالعيون، وقد لا يكون فاحتاج إلى هذا القيد. لا يقال: وحينئذ يقتصر النهي على الماء الذي لا يجري ولا يتناول الذي يجري.

قلت: وفي «مجمع الزوائد» النهيُ عن الدائم الذي يجري أيضًا، ولكنه وَهْم عندي، فروى: «الذي يجري» مكان «لا يجري»، والحُكْم عندنا فيهما سواء، فلا يبول فيهما، والأمر في القيود سهل.

قوله: (ثُمَّ يَغْتَسِلُ فيه) وقد ذكرنا وجوه الإِعراب فيه في «درس الترمذي» والأمر عندي أنه

<<  <  ج: ص:  >  >>