بِطَرِيقِ مَكَّةَ فَقَالَ سَعِيدٌ فَلَمَّا خَشِيتُ الصُّبْحَ نَزَلْتُ فَأَوْتَرْتُ، ثُمَّ لَحِقْتُهُ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ أَيْنَ كُنْتَ فَقُلْتُ خَشِيتُ الصُّبْحَ، فَنَزَلْتُ فَأَوْتَرْتُ. فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ أَلَيْسَ لَكَ فِى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فَقُلْتُ بَلَى وَاللَّهِ. قَالَ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يُوتِرُ عَلَى الْبَعِيرِ. أطرافه ١٠٠٠، ١٠٩٥، ١٠٩٦، ١٠٩٨، ١١٠٥ - تحفة ٧٠٨٥ - ٣٢/ ٢
قال الحافظ: ولولا أنَّ البخاري ترجم بهذه لدلَّ على اختيارِه وجوبَ الوِتْر، لأن صنيعَ تراجِمِه يشيرُ إلى الوجوبِ، ولكنه لما جَوَّزَ الوِتْر على الدَّابة عُلِم أنه لم يذهب إليه.
قلتُ: بل هذا الاحتمال قائمٌ بعد، لجواز أن يكون البخاريُّ يختارُ جواز أداءِ الواجب على الدَّابة. فإنه لا نصَّ فيه، وهو مختارٌ في مسائله، ولا يلزم من عدمِ اختيار الحنفية والشافعية رحمهم الله تعالى تلك المسألةَ أن لا يختارها البخاريُّ أيضًا. أما ابن عمر رضي اللَّهُ عنه فالجوابُ عنه عندي أنه مِمَّنْ لَمْ يكن يُفَرِّق بين الوِتْر وصلاةِ الليل، وكان يُطْلِقُ الوِتْر على المجموع. فيمكن أن يكونَ ما ذكره مِنْ وِتْره على الدَّابة هي صلاةَ الليل، وما ذكره عند الطحاوي أنه كان ينزل لها هي وِتْر الحنفية، وبه يَحْصُلُ الْجَمْعُ بين الروايتين. وعن ابن عمر رضي الله عنه آثارٌ عديدةٌ في «النزول» عند محمد في «مُوطَّئه»، وفي إسناده محمدُ بنُ أَبَان بن صالح وهو مُتَكلَّم فيه، وباقي الإسناد صحيحٌ. وقد ثبت له النزولُ عن غيرِ واحدٍ منهم مع عمرَ رضي الله عنه أيضًا، وهو في «المصنَّف» لابن أبي شَيبة. ولفظه:«كانوا يَنْزِلُون على الأرْضِ للوِتْر».
ولم يكن عنده حديثٌ في قنوت الوِتْر، فأخرج قنوتَ النازلةِ إشارةً إلى قنوتِ الوِتْر، وهو عندنا في جميع السَّنة، ولا قنوتَ في الفجر. أما عند الشافعي رحمه الله تعالى فهو في الفَجْر في السَّنَة كلِّها، وفي الوتر في آخِر رمضان. ثم القُنوتُ الراتبةُ قبل الركوع عندنا. وأما قنوتُ النازلة فيجوز قَبْلَه وبعدَه، والظاهر أن الأوْلَى بعده.
١٠٠١ - قوله:(قَنَت بعدَ الرُّكوعِ يسيرًا) وهو في قِصة أصحاب بئر مَعُونة حين بعث سبعين نَفَرَا واسْتُشْهد منهم تسعةٌ وستّون، فقنت فيها أربعينَ يومًا، أو شهرًا: هكذا شَكَّ فيه الراوي.