للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

من كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلّم عند آل عمر، وفيه عينُ ما اختارَه الشافعية من التفصيل (١). وكان شيخُنَا مولانا محمود حسن يقول: إنه مُدْرجٌ من الراوي، ثم وجدتُ عند الدارقطني ما أحْكَمَ رَأيَه ودلَّ صراحةً على أنه مدرجٌ.

والفصل عندي في هذا الباب أن زكاةَ الإِبل قد أخذت بالنحوين. ومن المُحال أن يكون علي وابن مسعود رضي الله تعالى عنهما قد أخذا الزكاة على مختارِ الشافعية وغيرهم بالكوفة. ثم يكون أبو حنيفة اختارَ خلافَه، وهو بالكوفة أيضًا، فلا بد أن تكون الزكاةُ أُخِذت بالكوفة، كما اختاره الحنفية، وبالمدينة كما اختاره مالك، وآخرون، فهما متواتران قطعًا، والرجل مخيرٌ بينهما بأي نحو شاء أدَّاها. وإنما الخلافُ في الاختيار لا غير، هكذا صَرَّح به ابن جرير (٢) في «تهذيب الآثار»: هذا باب أخذ العَنَاق ... إلخ وقد علمت تفصيلَه فيما مر، وأنه جائز عندنا أيضًا في بعض الصور، وهو فيما إذا ماتت الكبار، وبقيت الصغار فقط.

٤٤ - باب زَكَاةِ الْبَقَرِ

وَقَالَ أَبُو حُمَيْدٍ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لأَعْرِفَنَّ مَا جَاءَ اللَّهَ رَجُلٌ بِبَقَرَةٍ لَهَا خُوَارٌ».


= ثم ذكر بعدَه هذا التفصيل، فدل على أنه ليس بمرفوع، بل فصَّلَه الراوي على ما فهم، مما يأتي في عامة الروايات: "في كل أربعين بنت لَبُون، وفي كل خمسين حِقَّة"؛ وليس عنده في ذلك غير هذا القول. وقد علمت حاله، مع ما سيجيء فيه عن أبي عبيد في "الحاشية" فانتظره، فإنه مهمٌ.
(١) قال أبو عبيد: فهذه ثلاثةُ أقوال:
أما القول الأول الذي ذكرنَاه عن علي أنه يستأنفُ بها الفريضة. فإنه قول يقول به أهل العراق، وبه كان يأخذ سفيان. ثم فسره بعين التفسير الذي جاء في كُتُبنا، ثم قال: فهذا مذهب قول علي، وما يعمل به أهل العراق.
ثم قال: وأما حديث ابن شهاب: إنها إذا زادت على عشرين ومائة كانت فيها ثلاث بنات لَبُون، فإِنا لم نجد هذا الحرف في شيء من الحديث سوى هذا. ولا أعرف له وجهًا. وأخاف أن يكونَ غير محفوظ، لأنه لم يجعله على حساب أولِ الفرائض ولا على آخرها. ألا ترى أنها في الابتداء إذا كانت خمسًا وعشرين كانت فيها ابنة مَخَاض، إلى خمس وثلاثين، فإذا زادت واحدةً انتقلت الفريضة بتلك الواحدة إلى السِّنِّ التي فوقها، فصار فيها ابنة لَبُون، ثم أسنان الفرائض كلها على هذا؟. فذاك حساب أول الفريضة، فلو جعله عليه لكان يلزمه أن يكونَ في إحدى وعشرين ومائة بنتا لَبُون وحِقَّة إلى ثلاثين ومائة، فهذا حساب أولها، وأما آخرها فإن في كل أربعين ابنة لَبُون، وفي كل خمسين حِقَّة، فلو جعلها على هذا لكانت ثلاثُ بناتٍ لَبُون، إنما تجب في عشرين ومائة، لأن في كل أربعين واحدة، وهذه قد زادت على العشرين والمائة، ثم لا أرى نقلها إلى السِّن التي فوقها، فليس هذا القولُ على حساب أدنى الفرائض، ولا أقصاها.
وأما القول الثالث الذي في حديث حبيب أن الزيادة على عشرين ومئة لا شيء فيها حتى تبلغ ثلاثين ومائة، ثم يكون فيها حينئذ بنتا لبون وحِقَّة. فهذا هو القول المعمولُ به. إلى أن قال: هذا قول مالك. وأهل الحجاز. انتهى ملخصًا. ص ٣٦٥ "كتاب الأموال".
(٢) قال الخَطَّابي في "معالم السنن" ص ٢١ - ج ٢: وقال محمد بن جرير الطبري: وهو مخيرٌ، إن شاء استأنف الفريضة إذا زادت الإِبل على مائة وعشرين، وإن شاء أخرج الفرائض، لأن الخبرين جميعًا قد رويا. اهـ. ثم رد عليه الخطابي. قلت: وهذا الأمرُ يُبنى على الأذواق والمختارات.

<<  <  ج: ص:  >  >>