للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ثم يُقْضَى العجبُ من الشارِحينَ حيث تَصَدُّوا إلى بيانِ ما أخطأ فيه أبو بكر قلتُ: كيف ولمَّا لم يُبَيِّنْهُ النبي صلى الله عليه وسلّم لأبي بكرٍ حتى قال له: «لا تُقْسِم»، فلا ينبغي لأحدٍ أَنْ يَتَصَدَّى لهُ مِنْ بَعْدِهِ (١).

٤٨ - باب تَعْبِيرِ الرُّؤْيَا بَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ

٧٠٤٧ - حَدَّثَنِى مُؤَمَّلُ بْنُ هِشَامٍ أَبُو هِشَامٍ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا عَوْفٌ حَدَّثَنَا أَبُو رَجَاءٍ حَدَّثَنَا سَمُرَةُ بْنُ جُنْدَبٍ - رضى الله عنه - قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِمَّا يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ لأَصْحَابِهِ «هَلْ رَأَى أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنْ رُؤْيَا». قَالَ فَيَقُصُّ عَلَيْهِ مَنْ شَاءَ اللهُ أَنْ يَقُصَّ، وَإِنَّهُ قَالَ ذَاتَ غَدَاةٍ «إِنَّهُ أَتَانِى اللَّيْلَةَ آتِيَانِ، وَإِنَّهُمَا ابْتَعَثَانِى، وَإِنَّهُمَا قَالَا لِى انْطَلِقْ. وَإِنِّى انْطَلَقْتُ مَعَهُمَا، وَإِنَّا أَتَيْنَا عَلَى رَجُلٍ مُضْطَجِعٍ، وَإِذَا آخَرُ قَائِمٌ عَلَيْهِ بِصَخْرَةٍ، وَإِذَا هُوَ يَهْوِى بِالصَّخْرَةِ لِرَأْسِهِ، فَيَثْلَغُ رَأْسَهُ فَيَتَهَدْهَدُ الْحَجَرُ هَا هُنَا، فَيَتْبَعُ الْحَجَرَ فَيَأْخُذُهُ، فَلَا يَرْجِعُ إِلَيْهِ حَتَّى يَصِحَّ رَأْسُهُ كَمَا كَانَ، ثُمَّ يَعُودُ عَلَيْهِ، فَيَفْعَلُ بِهِ مِثْلَ مَا فَعَلَ الْمَرَّةَ الأُولَى. قَالَ قُلْتُ لَهُمَا سُبْحَانَ اللَّهِ مَا هَذَانِ قَالَ قَالَا لِى انْطَلِقْ - قَالَ - فَانْطَلَقْنَا فَأَتَيْنَا عَلَى رَجُلٍ مُسْتَلْقٍ لِقَفَاهُ، وَإِذَا آخَرُ قَائِمٌ عَلَيْهِ بِكَلُّوبٍ مِنْ حَدِيدٍ، وَإِذَا هُوَ يَأْتِى أَحَدَ شِقَّىْ وَجْهِهِ فَيُشَرْشِرُ شِدْقَهُ إِلَى قَفَاهُ، وَمَنْخِرَهُ إِلَى قَفَاهُ وَعَيْنَهُ إِلَى قَفَاهُ - قَالَ وَرُبَّمَا قَالَ أَبُو رَجَاءٍ فَيَشُقُّ - قَالَ ثُمَّ يَتَحَوَّلُ إِلَى الْجَانِبِ الآخَرِ، فَيَفْعَلُ بِهِ مِثْلَ مَا فَعَلَ بِالْجَانِبِ الأَوَّلِ، فَمَا يَفْرُغُ مِنْ ذَلِكَ الْجَانِبِ حَتَّى يَصِحَّ ذَلِكَ الْجَانِبُ كَمَا كَانَ، ثُمَّ يَعُودُ عَلَيْهِ فَيَفْعَلُ مِثْلَ مَا فَعَلَ الْمَرَّةَ الأُولَى. قَالَ قُلْتُ سُبْحَانَ اللَّهِ مَا هَذَانِ قَالَ قَالَا لِى انْطَلِقْ. فَانْطَلَقْنَا فَأَتَيْنَا عَلَى مِثْلِ التَّنُّورِ - قَالَ فَأَحْسِبُ أَنَّهُ كَانَ


= يكونُ عملها في الرُؤْيَا إذا عبرت بها، إِنَّما يكون يعمل إذا كانت العبارَةُ صوابًا، أو كانت الرُؤْيَا تَحْمِلُ وَجهينِ اثنين: واحدٌ منهما أَوْلَى بها مِنَ الآخر، فتكونُ معلَّقة على العِبَارة التي يردها إلى أَحَدِهما، حتى يعبر عليه، ويراد إليه، فتسقط بذلك، وتكونُ تلكَ العِبارَة هي عبارتها، وينتفي عنها الوَجهُ الذي قد كان محتملًا لها. اهـ: ص ٢٩٦ - ج ١.
(١) قلتُ: وقد تَكَلَّم فيه الطحاوي في "مشكِله" ص ٢٩٠ - ج ١ من شاء فليراجِع إليه، ثُمَّ ذَكَرَ الطحاوي شَرْحَ قولِه - صلى الله عليه وسلم - حين أَقْسَمَ عليه أبو بَكْرٍ: "لا تقسم"، قيل له: إِنَّ قسم أبي بكرٍ كان عليه ليُخْبِرَهُ بحقيقةِ الخَطأِ من حقيقةِ الصَّواب، وكان ذَلِكَ غيرُ موصولٍ إليه في ذلك المعنى، لأنَّ العبارةُ إِنَّما هي بالظَّن والتحري، لا بما هو سِواهُما، وقد رَوَى مثل هذا فيها، كما حدَّثَنا يزيد بن سنان حدثنا نُعَيم بنُ حمَّاد حدثنا أبو قتيبة عن مهدي بن مَيْمُون عن محمد بن سِيرينِ، قال: التفسيرُ -يعني الرُؤْيَا- إِنَّما هو أظُنُّه، وليس بحلالٍ ولا حَرَامٍ، ثُمَّ قَرَأ {وَقَالَ لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ نَاجٍ مِنْهُمَا} [يوسف: ٤٢] قال أحمدُ: يعني أَنَّ يوسفَ عليه الصَّلاة والسَّلام، قال للذي ظَنَّ أَنَّه ناجٍ مِنْهُما، فكان تعبيرُ رَسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - لِمثْلها مِنْ هذين الحدِيثَينِ أيضًا، وكان نَهيُهُ عليه الصَّلاة والسَّلام لأبي بكر عن القسم عليه ليخبر به بما أقْسَمَ عليه، ليخبر به إياه لهذا المعنى، لا لِمَا سِوَاهُ، اهـ. وحينئذٍ لا تعارُضَ بين أَمْرِهِ بإِبْرَارِ المَقْسَم به، وبين قوله: لا تُقْسَم.

<<  <  ج: ص:  >  >>