للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

شِهَابٍ وَسَأَلْنَاهُ فَقَالَ أَخْبَرَنِى مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ ثَوْبَانَ مَوْلَى بَنِى عَامِرِ بْنِ لُؤَىٍّ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ إِيَاسِ بْنِ الْبُكَيْرِ وَكَانَ أَبُوهُ شَهِدَ بَدْرًا أَخْبَرَهُ. طرفه ٥٣١٩ - تحفة ١٥٨٩٠ - ١٠٣/ ٥

٣٩٨٧ - قوله: (بَعْدَ يَوْمِ بَدْرٍ) الظرفُ مبنيٌّ على الضم، ويومُ بدرٍ بدلٌ منه. والمعنى: أن الخيرَ الذي أتانا اللَّهُ يومَ بدرٍ، لأنهم غَلَبُوا في تلك الحرب. وإن كان بالإِضافة، فالمرادُ ببدرٍ البدرُ الصغرى التي كانت بعد أُحُدٍ. أو يُرَادُ من البعدية بعديةٌ متراخيةٌ، حتى من الأُحُدِ أيضًا. وإلَّا يَرِدُ عليه: أن بَعْدَ بدرٍ أُحُدَ. وقد انْهَزَمَ المسلمون فيها، فأين الخير فيها.

٣٩٨٩ - قوله: (فَلَمْ يَقْدِرُوا أن يَقْطَعُوا منه شَيْئًا) وهذا من عجائب قدرته تعالى: حيث تَرَكَهُ أوَّلًا يقتله الأعداء، ثم حَمَى جِسْمَهُ. فلم يستطيعوا أن يَقْرَبُوا منه أيضًا. ونحوه ما رَقَعَ لزكريا عليه السلام: لَمَّا فرَّ من قومه انشقَّت له الشجرةُ، فاختفى فيها، فلمَّا طَلَبَهُ القومُ، ورأوا قطعةً من ثيابه بارزةً من الشجرة، قطعوها بالمِنْشَار، حتَّى بَلَغَ رأسَه كاد أن يتأوَّهَ، فَنَادَاهُ ربُّه أن اصبر، فإن تأوَّهت أَهْلَكَ الناسَ أجمعين. فحماه أوَّلًا، وأظلَّه في ظلِّه، ثم لم يَتْرُكْهُ حتى يَبُثَّ شكواه أيضًا. ونحوه ما وقع في قتل الحُسَيْن، حيث لم يَمْنَعْهُمْ حين قتلوه، فلمَّا فعلوه انتقم له، وقتل منهم أُلُوفًا، بل آلاف ألفٍ. فالله سبحانه يَفْعَلُ ما يشاء، ويَحْكُمُ ما يُرِيد.

٣٩٩٠ - قوله: (وتَرَكَ الجُمُعَةَ) وكان يومئذٍ بذي الحُلَيْفَةِ - موضع بستةِ أميالٍ من المدينة - فَدَلَّ على أن لا جُمُعَةَ في القرى عند ابن عمر (١).

١١ - باب شُهُودِ الْمَلَائِكَةِ بَدْرًا

٣٩٩٢ - حَدَّثَنِى إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ مُعَاذِ بْنِ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ الزُّرَقِىِّ عَنْ أَبِيهِ - وَكَانَ أَبُوهُ مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ - قَالَ جَاءَ جِبْرِيلُ إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -


(١) يقولُ العبدُ الضعيفُ: ومن أهمِّ ما رَأَيْتُ في تقرير الفاضل مولانا عبد القدير: أن المسلمينَ في أول أمرهم لم يَكُونُوا متساهلين في أمور دينهم، بل كانوا يهتمُّون بها، ويقدمونها على كل شُغْلٍ سواها. فكانوا يَحْضُرُون الجمعات مع أمرائهم في الأمصار، وكذلك مَنْ كان حول المدينة يَحْضُرُونها إدراكًا لفضل جمعة مسجد النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فلم يتبيِّن أمرُ إقامة الجُمُعَاتِ في القرى على جليتها. فإذا شَاعَ الإِسلامُ إلى الأطراف، وتوسَّعت حلقته، وفَتَرَتِ الهِمَمُ، ظَهَرَ التساؤلُ عن إقامتها في القرى. فاختلفوا في الجواب حسب اجتهادهم، فمنهم من جوَّزها في القرى أيضًا، ومنهم من قَصَرَها على الأمصار. ولم نَجِدْ منهم أحدًا مَنْ كان يَظُنُّ أن أمرَها وأمرَ سائر الصلوات سواء. فاتفقت الأمةُ على أن لها شروطًا غير سائر الصلوات، سواء كان منهم من لا يجوِّزها إلَّا في الأمصار، أو يجوِّزها في القرى أيضًا. فمن سوَّى أمرَها، وأمرَ سائر الصلوات، فقد خَرج عن آراء الأئمة والأمة. هذا ما فَهِمْتُهُ من مذكرته، وقد مرَّ ما عندي فيه.

<<  <  ج: ص:  >  >>