٣٠٥٥ - قوله:(قال ابنُ صَيَّادٍ للنبيِّ صلى الله عليه وسلّم أَتَشْهدُ أَنِّي رسولُ الله) ... الخ، واعلم أَنَّها كلمةُ كُفْرٍ، وإنما لم يقتله النبيُّ صلى الله عليه وسلّم كلونه غلامًا لم يحتلم إذ ذاك، وكان من أهل الذمة؛ ولأنه مشى في حَقِّه على التقدير، فقال لعمرَ: إنْ يكن هو فلست صاحبه، وإنما يَقْتُلُه عيسى عليه الصلاة والسلام، كما قال لرجل، اعترض على قسمة النبي صلى الله عليه وسلّم هذه قِسْمةٌ لم يُرد بها وَجْهُ الله، فقال له النبيُّ صلى الله عليه وسلّم «دعُوه، ولعلَّه يخرج من ضِئضِيء، هذا قومٌ» ... الخ، فهذا أيضًا مشى على التقدير، وليس ذلك إلا للأنبياء عليهم السلام، وأما نحنُ فليس لنا إلا العملُ بالتشريع، لا المراعاةُ بالتكوين، فإِنَّ النبيَّ إذا أخبر بنفسِه بتكوين لا يليقُ به إعدامُ أسبابِه من نفسه، فهذا شأنُه فقط، دون سائر الناس، وقد قررناه مِن قَبْل.
قوله:(قال ابنُ صَيَّاد وهو الدُّخُّ)، قد بينا وَجْهه فيما مرّ، وقال الشيخ الأكبر، وهو أعلمُ الرجال في هذا الموضوع: إن السالكين كما يَرَوْن نُورًا، وكذلك لأشقياءُ يرون ظُلمةً متشابِهةً بالدُّخان، وهي التي كان يراها ابنُ صَيَّاد.
٣٠٥٧ - قوله:(قال ابن عمر: ثُم قام النبيُّ صلى الله عليه وسلّم في النَّاس، ........ ثُم ذَكَر الدَّجَّال .... ، ولكنْ سأقولُ لكم فيه قولا لم يَقْله نبيُّ لقَوْمه) ... الخ، وخطبة النبيِّ صلى الله عليه وسلّم هذه إنما هي في المكان الذي ذهب منه لتفتيش أمر ابن صَيَّاد، فلما انصرف إليه خطب فيه. وهذه الخُطبةُ ليست بمذكورةٍ في عامة سياقه، فَلْيُعتن بها ههنا، لأنها دليل على أن النبيِّ صلى الله عليه وسلّم كان يَعْرِف أَمْرَه، لا كما زعم هذا الشَّقيُّ لَعينُ القاديان أن النبيِّ صلى الله عليه وسلّم لم يُعْط له عِلْم الدجَّال، كما هو، ثُم جعل يَهْذي أنه قد أعطى ذلك هو، فازداد كُفْرًا قاتلة اللهُ، ولعنه لَعْنًا كبيرًا؛ أو ما دَرَى أن النبيَّ صلى الله عليه وسلّم قد بلغ قد عِلْمه مبلغًا (١) لم يَبْلُغْه نبيُّ، فأَعْلَمهم بعلامةٍ لم يُخْبر بها أَحَدُّ مِنقبله، ثُم لا تَسْكُن نَفْس هذا الشَّقي إلا بنسبةِ عَدمِ العلم إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلّم والعياذ بالله، وكأنه في ضِمْن ذلك يَدَّعي فضيلته عليه، لما يدعى أنه أعطى من الغيب ما لم يُعطه النبيُّ صلى الله عليه وسلّم والعياذ بالله.
١٧٩ - باب قَوْلِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - لِلْيَهُودِ:«أَسْلِمُوا تَسْلَمُوا»
قَالَهُ الْمَقْبُرِىُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.
قلنا: هَبّ؟، هاتِ ما عندك من العلم، وما أَوْحى إليك شيطانُك في أَمره، فجعل الوَقِح الكذوب يقول: إنَّ الدجَّال هو الإنكليزُ، اخسًا، فلن تعدو قَدْرَك، هذا عِلْمُك الذي كنت تَدَّعي به، فوالله ما إنك إلا دجَّالُ من الدجاجلة، وقد تعلم ذلك، فإِنَّ الرجل أَعْلَم بِوَسْم قدحه، فلذا قلت ما قلت، نعم عرفت الدجَّال، وقد عرفناك. ثُم ما بالُ هذا المسيح الذي نزل لِقَتْل الدجَّال، إنه حَفِظه دجالُه من قَتْل الناس إياه، ولولا ذلك الدجالُ لَقُتِل، فوالله ما أنت إلا شَرُّ مسيح،
(١) يقول العبد الضعيف: كيف! وعند البخاري (١/ ٤٥٩) من "باب الملائكة" عن ابن عباس مرفوعًا: إنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم رأى مالِكًا خازنَ النَّار، والدجَّال في آياتٍ أراهنَّ اللهُ إياه، فهل يمكن أن يكونَ أحدٌ أعلمَ منه في أمره؟ كلا، ثم كلا.