قوله:(فجعلناه وسادتين) ولم تتنقح المسألة من هذا اللفظ أيضًا، لأن صدرَ الحديثِ يدلُّ على أن الإِباحة لأجل الهتْك، وآخره يدل على أن الإِباحة لكونها مُمتنهة، لأنه لا دليل في جعلِها وسادتين، على انشقاق تلك التصاوير أيضًا.
٥٩٥٨ - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ بُكَيْرٍ عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ أَبِى طَلْحَةَ صَاحِبِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِنَّ الْمَلَائِكَةَ لَا تَدْخُلُ بَيْتًا فِيهِ الصُّورَةُ». قَالَ بُسْرٌ ثُمَّ اشْتَكَى زَيْدٌ فَعُدْنَاهُ، فَإِذَا عَلَى بَابِهِ سِتْرٌ فِيهِ صُورَةٌ فَقُلْتُ لِعُبَيْدِ اللَّهِ رَبِيبِ مَيْمُونَةَ زَوْجِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَلَمْ يُخْبِرْنَا زَيْدٌ عَنِ الصُّوَرِ يَوْمَ الأَوَّلِ. فَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ أَلَمْ تَسْمَعْهُ حِينَ قَالَ إِلَاّ رَقْمًا فِى ثَوْبٍ. وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنَا عَمْرٌو - هُوَ ابْنُ الْحَارِثِ - حَدَّثَهُ بُكَيْرٌ حَدَّثَهُ بُسْرٌ حَدَّثَهُ زَيْدٌ حَدَّثَهُ أَبُو طَلْحَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. أطرافه ٣٢٢٥، ٣٢٢٦، ٣٣٢٢، ٤٠٠٢، ٥٩٤٩ - تحفة ٣٧٧٥
ترجم عليه أولًا بما وُطِىء من التصاوير، وأشار بها إلى جواز التصاوير التي توطأ، ثم ترجم عليه بكراهة القعود، وهذا يدل على عدم الجواز مطلقًا. وتفصيله أن قول عائشة:«فجعلناه وسادتين»، يدل على أن التصاويرَ إذا كانت مُمتنهة توطأ، جازت، وقول النبي صلى الله عليه وسلّم «إن أصحاب هذه الصور يعذبون»، حين قالت له عائشة:«إني اشتريت نُمرقة، لتجلس عليها» ... إلخ، بظاهره يدل على عدم جواز التصاوير مطلقًا، أي سواء كانت مُمتنهة، أو لا، لأنها صرحت بأنها اشترتها للجلوس والامتهان، ومع ذلك منعها النبيُّ صلى الله عليه وسلّم عنها.
ولما لم يتضح للبخاري سبيل إلى التوفيق بينهما، ترجم أولًا بالجواز، وثانيًا بالكراهة، لعدم الانفصال عنده. فإِما أن يقال: إن مختار المصنف هو الأول، أي الجواز إذا كانت مُمتنهة، وإنما ترجم ثانيًا، إشارة إلى أنه لو ذهبَ ذاهبٌ إلى عدمِ الجوازِ مطلقًا، نظرًا إلى كراهةِ القُعود، فكان له مساغٌ أيضًا، وإن لم يكن ذلك مختارًا له، ولذا