للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فأجاب عنه أنّ هذا الطّرْدَ غَلَطٌ، ولكنَّه حرامٌ لُبْسُه فقط، فقال: إنّي لم أَكْسُكَها، ويَسْتَفيد منه الفَقيه أنّ البيعَ يَعتمِد المُلكَ دون الاسْتِعْمال. ثمّ أقول: إنّ الحرام إذا لم يُنْتَفع منه بجْزءٍ من جُزْئِيِّاته فَجُمْلَتُه أيضًا حرامٌ، وإلا لا كالحرير، فإِنه وإن كان حرامًا لكن جاز للنِّساء، ولو كان حرامًا بجميع جُزْئياته لما جاز بيعُه وشراؤُه وحَرُمَت التّصرّفاتُ كلُّها. وفِي «الهداية»: أنّ الكِسْوة قد تكون من ألفاظِ العارية، وأُخْرَى من ألفاظ الهِبَة، وتُبنَى على القَرائِن.

قوله: (فكَسَاه عمرُ بنُ الخطَّاب أخًا له بمكّة مُشْرِكًا) قد عَلِمْتَ أنّ المُلك يَثْبُت فيه للمُسْلِم أيضًا فكيف بِمَن كان كافرًا. ويُمْكِن أن تُجْرَى فيه مَسألةُ كونِ الكفَّارِ مُخاطِبين بالفروع، وفيها ثلاثةُ أقوالٍ للحنفية: قيل: إنّهم مُخَاطِبون أداءً واعتقادًا، وقيل: لا أداءً ولا اعتقادًا، وقيل: اعتقادًا لا أداءً، كذا في المنار. وهذا البحث كلِّه في عذابِ الآخِرة، فيُعَذَّب عند الأَوّلين على تَرْكِهما، وعند الثّاني لا يُعَذَّب إلا على ترك الإِيمان، وعند الثَّالث على تَرك الاعتقاد فقط، ولم يَذْهَبُ أحدٌ منهم إلى إيجاب قَضَاء الصّلوات أو الصّيام بعد الإِسلام، والمختار عندي هو الأول، واختاره صاحب البحر في شرح المنار ولم يُطْبَع، وهكذا عند الشّافعيّةِ والمالكيّة والحنابلة.

واعلم أنّ ما يَظْهَر بعد سَبْر فِقْه الحنفيّة أنّهم يُغايرون بين أحكام المسلم والكافر في كثيرٍ من الأحكام؛ بخلاف الآخرين فَهُم فَهِموا أنّ الدّين إذا نزل من السّماء وجب على العباد قَبوله كائنًا ما كان، فإِذا ترافعوا إلينا نَحْكُم بينهم بشريعتنا ونُخْبِرُهم على قَبولِه فإِنّ الدّار دارنا، نَعَمْ إذا كانوا في دار الحرب فالجَبْر غيرُ ممكنٍ لانقطاع الولاية. وفَهِم الحنفيّة أنّا إذا تركناهم وما يَدينون ذِّمةً لنا فَحُكْمُهم في دارنا كحكمهم في دار الحرب فَتَرْكُهم وما يَدينون. وراجعْ الهداية من نكاح الكافر، ومن العِدَّة من نكاحِ أهلِ الشِّرك فإنّه أهمُّ ويَحتاج إلى تحريرِ المقام.

[تنبيه]

واعلم أنّ الصِّحة والفساد من أحكام الدنيا، والحِلَّ والحُرْمة من أحكام الآخرة، فالأقوال الثّلاثة في الحلّ والحرمة.

٨ - باب السِّوَاكِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ

وَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - "يَسْتَنُّ".

٨٨٧ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِى - أَوْ عَلَى النَّاسِ - لأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ مَعَ كُلِّ صَلَاةٍ». طرفه ٧٢٤٠ - تحفة ١٣٨٤٢

٨٨٨ - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ الْحَبْحَابِ حَدَّثَنَا أَنَسٌ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَكْثَرْتُ عَلَيْكُمْ فِى السِّوَاكِ». تحفة ٩١٤

٨٨٩ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ قَالَ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ مَنْصُورٍ وَحُصَيْنٍ عَنْ أَبِى

<<  <  ج: ص:  >  >>