في يوم الجمعة هذه شيءٌ واستوى الرّحمن على العرش كما يليق بشأنه المقدَّس، وبعد مرور أزمانٍ - يعلم اللَّهُ قدرها - خلق آدم في آخِر ساعة من يومِ الجمعة. فتبادر إلى الأوهام أنه خُلق في يوم الجمعة من هذا الأسبوع. والصّواب عندي ما قرّرت. ولذا ترى في الآيات أنّ الله سبحانه وتعالى كلما ذكر خَلْقَه العالَمَ ذكر بعده الاستواء على العرش لأنّه كان في الخارج كذلك، فإنّه لما فرغ من تكوين العالم استوى على عرشه ولم يخلق شيئًا، حتى إذا كان في جمعةٍ أخرى بعدها بكيثر خلق آدم.
ثمّ اعلم أن الجمعة تذكرةٌ لحفلةٍ تقوم في الآخرة على قدر تلك الأيام، فيجتمع فيها المؤمنون والأنبياء والصّديقون على منازلهم، وتحصل لهم الرؤية كما في الأحاديث.
قوله:(اليهُودُ غدًا والنَّصَارَى بَعْدَ غدٍ) عندي: تنقلب الأيام والجهات في المحشر، فأوّل أيام الدنيا هو السّبت وآخرها الجمعة، فتكون الجمعة في المحشر أوّل أيامه، فنحاسَب أولا، ويكون الآخَرون سابقين كما في الحديث. وقد مرَّ معنا التنبيه على أنَّ عند المصنّف صحيفةً فيها نحو مئةُ حديث وأوَّلُها:«نحن الآخرون السّابقون»، فإذا أراد المصنف رحمه الله تعالى أن يُخرِج حديثًا منها أخرج أولا هذا الحديث، ثم أخرج الحديث الذي يريده إشارةً إلى أنّ هذا الحديث من تلك الصحيفة، كما عند مسلم أيضًا صحيفةٌ وهو يشير إليها أيضًا بنحوٍ آخر، وقد قرّرناه من قبل والغافل يذهَل عنه، ويُتعِب نفسه، ويُضيَّع وقته في إيجاد المناسبات ولا يستطيعه، فتشمَئِزُّ نفسه ففرِّج عنك الكرب فإنه لا تكون له مناسبةٌ غير أنه يكون إشارةً إلى الصحيفة فقط.
قوله:(وهل على الصّبيِّ شهودُ يوم الجمعةِ، أو على النِّساء) ولم يُجِبّ عنه لأنَّه لم يكن عنده لذلك دليلٌ من الحديث الذي أخرجه. وذهب الجمهور إلى عدم وجوب الجمعة على