للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

تكونُ مُبْطِلَة للصلاة، كذا قاله الحافظ. ثم اختار أنَّ الحَمْلَ فيه عندي على النُّسَّاخ، بدليل سلامة رواية المستملي من ذلك، وهو أحفظهم.

قلتُ: ويُمْكِنُ أنْ يُتكلف، ويقال: إنَّ الفقهاء ذكروا للسجدةِ شرائط، كوجْدَانِ حَجْمِ الأَرْضِ في سجوده، فهي من شرائط الصلاة من هذه الجهة. ومن جهة التعديل، والطمأنينة، معدودة في صِفَةِ الصلاة (١).

٢٧ - باب يُبْدِى ضَبْعَيْهِ وَيُجَافِى فِى السُّجُودِ

وإنَّما أَتَى به من جِهَةِ أَنَّ المجافاةَ في السجودِ، لا تستلزمُ عَدَمَ السَتْرِ، كما مَرَّ الحافظ رحمه الله تعالى، لا من جهةِ كَيْفِيَّةِ السجود، وهو مِنْ تِلْكَ الجِهَةِ معدودٌ مِنْ صفاتِ الصلاة.

٣٩٠ - أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ مُضَرَ عَنْ جَعْفَرٍ عَنِ ابْنِ هُرْمُزَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَالِكٍ ابْنِ بُحَيْنَةَ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ إِذَا صَلَّى فَرَّجَ بَيْنَ يَدَيْهِ حَتَّى يَبْدُوَ بَيَاضُ إِبْطَيْهِ. وَقَالَ اللَّيْثُ حَدَّثَنِى جَعْفَرُ بْنُ رَبِيعَةَ نَحْوَهُ. طرفاه ٨٠٧، ٣٥٦٤ - تحفة ٩١٥٧

٣٩٠ - قوله: (فَرَّجَ بين يَدَيْهِ) ... إلخ ليستوفي كُلُّ عضوٍ حَظَّهُ مِنَ السجود، لأنَّه نَصَّ الحديثُ على سَجْدَةِ أَعْضَاءِ السجودِ كُلِّها، وبالانضمامِ تَصِيرُ الكلُّ كالعضوِ الواحد، فلا يَتَوَفَّرُ حَظُّ كلَ منها على حِدَةٍ مع أنَّه مطلوب.

قوله: (ليثُ بن سَعْد). قال الشافعي رحمه الله تعالى في حَقِّهِ إنَّه ليس عندنا دون مالكٍ رحمه الله تعالى، إلا أَنَّ أَصْحَابَهُ أضاعوه. وفي لفظٍ عندي: أَنَّهُ أفقه مِنْ مالكٍ رحمه الله تعالى، وفي لَفْظٍ آخر: ما آسَيْتُ على عدَمِ لقاءِ أحَدٍ كما آسى على ليثِ بنِ سَعْدٍ، وكان يَذْهبُ إلى قَبْرِهِ


(١) قلتُ: وهو الأظْهَر عندي والأنْسَب بأنظار البخاري مع إيماء صنيعه إليه حيث بوب ههنا أولًا: باب إذا لم يتم السجود، فكأنه أشار إلى أنَّ تماميةَ السُّجُودِ من شَرَائِطِ الصلاة.
وثانيًا: باب يُبدي ضبعيه إلخ فهذا وإن كان من تَمَامِ السجدةِ لكنَّهُ أشارَ إلى أَنَّه ليس من شرائطِ الصلاة، وإِنْ كان من لم يُبْدِ ضَبعيه، فإنه لم يُتم السجود، وإنَّما التماميةُ التي عُدَّت من شَرَائطِ الصلاةِ هي التي يُحْكَم على تَارِكها أنَّه لو ماتَ على غيره مات على غير سنة محمد - صلى الله عليه وسلم -، كما أخرجه البخاري.
وثالثًا: باب فضْل استقبالِ القِبلة، فأشارَ إلى أنَّه أيضًا نوع تَمَامِية، مع عدم كَوْنِها مِنْ الشَرائِط، ثم إذا بَوَّب في صفةِ الصلاةِ، بَوَّبَ أولًا: باب يُبدي ضَبْعَيهِ ويُجا في السجود، وهذه هي صفة السجود، فقدمها في باب صفة الصلاة، بخلاف تبويبه في شرائط الصلاة، ثم بوب باب "يَستَقْبِل بأطرَافِ رِجْلَيهِ"، وهذا أيضًا نَوع صِفةٍ، ثمَّ بَوَّب في آخرها: باب إذا لم يتم السجود الخ، وقد كان قَدَّمَهَا في شَرَائطِ الصلاة، وإنما أخره ههنا، لأنه مِنْ صِفاتِ السجودِ عدمًا، كما كانت الأُولى من صِفَاتِه وجودًا، فلمَّا رأيتُ أنَّه وإنْ أخرَج هذه الأبواب في الموضعين إلّا أنَّه عَكس في الترتيب، تحدس لي أنَّه فَعَلَه لهذا، وليس هذا مِنْ باب النَّص في مَوْرِد النِّزاع، وإنَّما هو من باب الإشارات، كما تكون في أبواب المصنف رحمه الله تعالى، فإن سمحت به قريحتك ولم تُماكس، فهذا طارفك فاجمعه مع تَلادِك، وإلّا فأنت اعلم لأني لستُ مِنَ المنازعين بل من المنصتين، اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>