قوله:(وقال الحَسَنُ الخِرْقَة ... ) إلخ. واختلف في موضعها في الفقه: وراجع له الكبيرى. ويعلم من قوله الحسن إنها مِن الحْقو إلى الركبتين، وهو مذهبُ زفر رحمه الله تعالى، وهو الذي اختاره البخاري. وهذا أحد الموضعين الذين وافقه البخاري فيه. والثاني في الحيل، وفيه تردُّد. وهذا القول هو الأقرب، فإِنَّ المقصود منها سَتْرُ العَجيزَة.
١٦ - باب هَلْ يُجْعَلُ شَعَرُ الْمَرْأَةِ ثَلَاثَةَ قُرُونٍ
١٢٦٢ - حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أُمِّ الْهُذَيْلِ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ ضَفَرْنَا شَعَرَ بِنْتِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. تَعْنِى ثَلَاثَةَ قُرُونٍ. وَقَالَ وَكِيعٌ قَالَ سُفْيَانُ نَاصِيَتَهَا وَقَرْنَيْهَا. أطرافه ١٦٧، ١٢٥٣، ١٢٥٤، ١٢٥٥، ١٢٥٦، ١٢٥٧، ١٢٥٨، ١٢٥٩، ١٢٦٠، ١٢٦١، ١٢٦٣ - تحفة ١٨١٣٨
١٧ - باب يُلْقَى شَعَرُ الْمَرْأَةِ خَلْفَهَا
١٢٦٣ - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ قَالَ حَدَّثَتْنَا حَفْصَةُ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ تُوُفِّيَتْ إِحْدَى بَنَاتِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَتَانَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «اغْسِلْنَهَا بِالسِّدْرِ وِتْرًا ثَلَاثًا أَوْ خَمْسًا أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ إِنْ رَأَيْتُنَّ ذَلِكَ، وَاجْعَلْنَ فِى الآخِرَةِ كَافُورًا أَوْ شَيْئًا مِنْ كَافُورٍ، فَإِذَا فَرَغْتُنَّ فَآذِنَّنِى». فَلَمَّا فَرَغْنَا آذَنَّاهُ، فَأَلْقَى إِلَيْنَا حِقْوَهُ، فَضَفَرْنَا شَعَرَهَا ثَلَاثَةَ قُرُونٍ وَأَلْقَيْنَاهَا خَلْفَهَا. أطرافه ١٦٧، ١٢٥٣، ١٢٥٤، ١٢٥٥، ١٢٥٦، ١٢٥٧، ١٢٥٨، ١٢٥٩، ١٢٦٠، ١٢٦١، ١٢٦٢ - تحفة ١٨١٣٥
واعلم أن الاختلافَ على ثلاثة أنحاء اختلاف جواز - وهو أشدها - واختلاف أفضلية، واختلاف اختياره. والاختلاف في هذه المسألة من النوع الثاني، وقد وَرَد الأَمْرُ بالنَّحْوين ثُم رجَّح الفقهاءُ مختاراتِهم من الوجوه الفقهية فلينظر فيه الناظر: أنَّ الأحاديثَ إذا وردت بالأمرين فهل للفقهاءِ أن يرجِّحوا واحدًا منهما من اجتهادهم، أو لا بدَّ لهم فيه من حديث مُرجِّح؟ والذي يظهَر من صَنِيعهم أنهم يجوِّزون الترجيحَ من الاجتهاد أيضًا.
ويمكن أن يكون الخلافُ فيه من النوع الثالث أيضًا، أي العمل بما راج ببلدته مع قَطْع النَّظر عن تَتَبِّع الأَفضل، فإِن الإنسانَ فُطِر على الحب بما عَمِل به عُلماءُ بلدته، وعليه اختياراتُ المذاهب. ألا ترى إلى ملك رحمه الله تعالى فإنه إذا كان بالمدينة - شَرَّفها الله - يُراعي عَمَلَ بلدته أكثرَ مما يراعي بما سواه، ويَزْعُمه فاصلا في الباب. وكذلك الشافعي رحمه الله تعالى يَعْمل بما عَمِل به أهلُ الحجاز، ونحوه أبو حنيفة رحمه الله تعالى يعض على ما عَمِل به الصحابةُ رضي الله عنهم في بلدته. ولعل رَفْعَ اليدين وتَرْكه أيضًا من هذا الوادي. جَرى كُلُّ بما رأى أهلُ بلدته يفعلُه مِن رَفْعٍ أو تَرْك، وقد حققنا سابقًا.
ومن ههنا علمت أن اختلافَ الاختيار غيرُ اختلاف الأفضلية. وقد تحقق عندي أن التلامذةَ في السلف كانوا يأخذون بعمل شيوخهم، وهكذا عُلِم مِن حالِ بعض الصحابة رضي الله عنهم أيضًا.