هكذا المسألة عندنا، وفي «قاضيخان»: أنه يُكْرَه قراءة القرآن عند الجنازة قبل الغُسل وحوالَي النجاسة، وليس هكذا في الحائض، فإن نجاستها مستورة تحت الثياب.
قوله:(فتُمْسِكُهُ بعِلاقَته) والمسألة عندنا أن ثوب اللابس في حكم اللابس، والذي على القرآن فهو في حكمه، فيجوز مَسُّه من ثوب منفصل أو غلاف منفصل إذ لم يكن مُشَرَّزًا. فهذه المسائل أقرب إلى مذهب الحنفية. وفي إسناده الفَضْل بن دُكَين، وهو اسم أبو نُعَيم، وقد وقع في إسناد مسلم أبو نُعَيم فقط، فلم يَعْرِفْهُ بعضُ الطلبة، وهو الفَضْل بنُ دُكَيْن كما في إسناد البخاري فاعلمه.
قال الشارحون: إنَّ المرادَ منه مجرَّد بيان جواز إطلاق الحيض على النِّفاس وبالعكس، ولمَّا وَرَدَ في الحديث إطلاق النِّفاس على الحيض استفاد منه المصنِّف رحمه الله تعالى أنه يصح إطلاق الحيض على النفاس أيضًا، وإلا فالظاهر في الترجمة أن تكون:«مَن سمَّى الحيضَ نفاسًا» لِمَا في الحديث من إطلاق النفاس على الحيض دون العكس. وقيل: إن في الترجمة تقديمًا وتأخيرًا، فالنِّفَاس مفعول ثان وحيضًا مفعول أول، وكان أصل العبارة هكذا:«من سمى حيضًا النفاس» كما في الحديث. قلت: وهل يجوز أن يكون المفعول الأول نكرة والثاني معرفة؟ فقيل: نعم كما في «حاشية المغني»:
*كأنَّ سبيئةً من بيت رأس ... يكون مَزَاحَها عسلٌ وماءُ
وأقول: إن المصنِّف رحمه الله تعالى لا يريد بيانَ اللغة فقط، بل يريد أن النِّفاس هو دم الحيض، خرج بعد انفتاح فَمِ الرَّحِم، لأن الحامل إنما لا تَحيض لانسداد فم الرحم، فإذا خرج الولد انفتح فمه وتنفس بالدم، فالنِّفاس هو دم الحيض كان مِحْتَبَسًا في الرحم لأجل المانع فإذا زال المانع دَرّ دُفعةً، وتلافى الطبعُ ما فاته، كما ترى في النوم، فإنك إذا سَهِرْتَ أو أَرْقْتَ يومًا، ثم غلب عليك النوم، فربما تنام أزيدَ مما كنتَ تعتاده تلافيًا لما فات.
وذكر بعضهم نُكتة وهي: أن الدم إنما يصير غذاء للولد بعد أربعة أشهر، وبحساب عشرة في كل شهر يحصل أربعون يومًا، وهو أكثر مدة النفاس. ويتفرَّع على هذا التحقيق أنَّ الحامل لا تحيض، وإليه تُشير قواعد الشرع، لأنها لو كانت تحيض كما ذهب إليه الشافعي ينبغي أن ينعدم من الشرع باب الاستبراء، فإن الشرع جعل الطَّمْثَ أمارة لبراءة الرحم، وإذا أمكن الحيض من الحامل أيضًا لم يَبْقَ أمارة للبراءة، فيلزم أن ينعدم هذا الباب رأسًا.