٦٩٦٠ - قوله:(وقال بَعْضُ النَّاسِ: إن احْتَالَ حتَّى تَزَوَّجَ على الشِّغَارِ، فهو جائزٌ، والشَّرْطُ باطلٌ. وقال في المُتْعَةِ: النِّكَاحُ فاسِدٌ، والشَّرْطُ بَاطِلٌ. وقال بعضُهم: المُتْعَةُ، والشِّغَارُ جائزٌ، والشَّرْطُ باطلٌ) واعْلَمْ أَنَّ نِكَاحَ الشِّغَارِ نافِذٌ عندنا، وأَمَّا وُرُودُ النَّهْي عنه فهو مُسَلَّم، إِلا أَنَّه ليس كُلُّ نَهْيٍ يَقْتَضِي البُطْلان، وإِنَّما القُبْحُ فيهِ مِنْ جِهَةِ خُلُوِّ البضعين عن العِوَضِ، وقَدْ قُلْنَا بوجُوبِ مَهْرِ المِثْل فيه، فانْعَدَمَ المعنَى، فلو فَعَلَهُ أَحَدٌ نَفَذَ، ولَزِمَهُ مَهْرُ المِثْلِ، وإِليْهِ ذَهَبَ بعضُ السَّلَفِ، كما عند الترمذي.
ونظيرُه قولُه صلى الله عليه وسلّم «اشترطي لهم الوَلَاءَ»، فكذا يصح النَّكاح، ويَلْغُو الشرط، وأمَّا إِيرَادُه بِجَوازِ المُتْعَةِ، فَلَمْ يَقُلْ به مِنَّا أحدٌ، غَيْرَ أَنَّ زُفَرَ ذَهَبَ إلى تَنْفِيذِ نِكَاحِ المُوَقَّتِ، فإِنَّ لِنَفَاذِهِ صُورَةٌ بأِبْطَالِ الوَقْتِ، أَمًّا في المُتْعَةِ، فَقَدْ اتفقُوا على بُطْلانِها.
فائدة: قد نَبَّهْنَاكَ فيما مَرَّ على أَنَّ الشيخَ ابنُ الهُمَامِ بَحَثَ في المُتْعَةِ، بأَنَّ مُقْتَضَى الدَّلِيلِ أَنْ يَكُونَ أَمْرُها، وأَمْرُ النِّكَاحِ المُؤَقَّتِ سَوَاء، زعمًا مِنهُ أَنَّ الأحكامَ تُبْنَى على المعنى دونَ الأَلْفَاظِ، وإذ كان معناهُما واحدًا، وَجَبَ القولُ باتحادِ حُمْكَيْهِمَا، كيف وأَنَّ لَفْظَ: الميمِ، والتاءِ، والعينِ، لا دَخْلَ لها في الحُكْمِ، والمَقْصُودُ هو النِّكاحِ بأي لَفْظٍ كَان؟.
قلتُ: وهذا ليس بِنَاهِضٍ، لأَنَّ الشَّرْعَ أقامَ هناك أنواعًا، وأَعْطَى لِكُلِّ نوعٍ حُكْمًا، ثُمَّ أشارَ إلى تلكَ الأنواعِ بِمادةٍ مُخْصُوصَةٍ، تَدُلُّ على ذلك النَّوعِ؛ وحاصِله: أَنَّ القَصْرَ على المعاني، وقطعَ النَّظَرِ عن الأَلْفَاظِ ليس مُطَّرِدًا، لِيُنَاطَ بهه عِبْرَةُ الأحكامِ، وهَدْرِها.