للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٦٩٥٩ - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا لَيْثٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ اسْتَفْتَى سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ الأَنْصَارِىُّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى نَذْرٍ كَانَ عَلَى أُمِّهِ، تُوُفِّيَتْ قَبْلَ أَنْ تَقْضِيَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «اقْضِهِ عَنْهَا». وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ إِذَا بَلَغَتِ الإِبِلُ عِشْرِينَ، فَفِيهَا أَرْبَعُ شِيَاهٍ، فَإِنْ وَهَبَهَا قَبْلَ الْحَوْلِ أَوْ بَاعَهَا، فِرَارًا وَاحْتِيَالاً لإِسْقَاطِ الزَّكَاةِ، فَلَا شَىْءَ عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ إِنْ أَتْلَفَهَا فَمَاتَ، فَلَا شَىْءَ فِى مَالِهِ. طرفاه ٢٧٦١، ٦٦٩٨ - تحفة ٥٨٣٥

٦٩٥٦ - قوله: (وقَالَ بعضُ النَّاسِ: في عشرين مِئَةِ بَعِيرٍ حِقَّتَانِ، فإنْ أَهْلَكَهَا مُتَعَمِّدًا، أو وَهَبَهَا، أو احْتَالَ فيها فِرَارًا من الزَّكَاةِ، فلا شَيْءَ عليه) قوله: وقال بعضُ النَّاسِ في رجل له إبلٌ، فَخَافَ أَنْ تَجِبَ عليه الصَّدَقة، فَبَاعَها بإِبل مِثلِها، أو بِغَنَمٍ، أو بِبَقَرٍ، أو بدَرَاهِمَ، فِرَارًا من الصَّدَقَةِ بيوم، واحتيالًا، فلا شيءَ عليه، وهو يقولُ: إِن زَكَّى إبْلَهُ قَبْلَ أَنْ يَحُولَ الحولُ بيومٍ، أَوْ بِسَنَةٍ جَازَتْ عنه.

٦٩٥٩ - قوله: (وقَالَ بَعْضُ النَّاسِ: إذَا بَلَغَتِ الإِبِلُ عشرين، فَفِيهَا أَرْبَعُ شِيَاهٍ. فإنْ وَهَبَهَا قبل الحول، أو بَاعَهَا فِرَارًا، أو احْتِيَالًا لإِسقاط الزَّكَاةِ، للا شَيْءَ عليه. وكذلك إنْ أَتْلَفَهَا، فَمَاتَ، فلا شَيْءَ في ماله) وهذا كما تَرَى، ثلاثُ إِيرَادَاتٍ من المصنِّفِ على الحنفية، بثلاثِ عباراتٍ، والمآلُ واحد، فإِنْ شِئْتَ قُلْتَ: إِنَّها واحدٌ، وإِنْ شِئْتَ اعتبرتَهُما ثلاثًا، ثُمَّ المُصَنِّفُ أضَافَ قَيْدَ الفِرَارِ والاحْتِيَالِ تَفْخِيمًا وتَقْبِيحًا، فالإِيرَاد الأوَّلُ على صورةِ الإِهلاكِ، أو الهِبَةِ، وذلكَ هو الثاني، بَيْدَ أَنَّه مَفْرُوضٌ في البَيْعِ، مع ذِكْرِ المُنَاقَضَةِ بين التَّخْفِيفِ في أَمْرِ الزَّكَاةِ بإِسْقَاطِها مِنْ تلكَ الحِيَلِ، وبين التَّشْدِيدِ فيه بأَدَائِها قَبْلَ الحَوْلِ؛ ولا فَرْقَ في الأَوَّلِ والثالثِ إلا بِتَغَايُرِ الصُّوَرِ، فإِنَّ الأَوَّلَ مَفْرُوضٌ في عشرين مئةِ بَعِير، والثالث في عشرين إِبْلًا، والنَّوعِ واحدٌ.

وبالجملة، لم يَقْصِد به المُصَنِّف إلا تَكْثِير العَدَدِ لا غَيْر قُلنا: أَمَّا كونُ تِلكَ الحِيل وبالًا ونَكَالًا لصَاحِبها، فلا نُنْكِرُه أيضًا، كما نَقَلْنَاهُ عن أَئِمَتِنَا، وأَمَّا أنَّها لا حُمْكُ لها وإنْ فَعَلَها أَحدٌ، ففيهِ نَظَرٌ قَوِيٌ، فإِنَّ وِنَ النَّاسِ مَنْ هو فَاعِلُها لا مَحَالَةَ، لسوءِ طِبَاعِهِ، فلا بُدَّ لَنَا أَنْ نَذْكُرَ لها أَحْكَامًا ثَبَتَت عِنْدَنا مِنْ قَواعِد الشَّرْعِ، مَعَ قَطْعِ النَّظرِ عن حُكْمِهَا عِنْدَ اللَّهِ تعالى، مِنَ الإِثْمِ أَو غَيْرِهِ، فإِذَا أَهْلَكَ أحدٌ جَميعَ نِصَابِهِ، فَمَا لَنا أَنْ لا نَقُولَ بِسُقُوطِ الزَّكَاةِ عنه، كيف وإنَّها قطعة مِنَ المالِ، أَوْجَبَت عليه حَقًا للفُقَراءِ، فَإِذا عُدِمَ المالُ، فقد عُدِمَ مَحلُ وجوبِ الزَّكاةِ، فَفِي ماذا تَجِبْ، وَلِذَا قُلْنَا بِسُقُوطِهَا، وأَمَّا أَدَاؤُهَا قَبْلَ الحَوْلِ، فَلِوُجُودِ النِّصابِ، وهو سَبَبُ نَفْسِ الوجوبِ، فلم نَقُل بأَدَائِها إلا بَعْدَ تَحَقُّقِ السَّبَبِ، والأداءُ بعد تَحقُّقِ السببِ معهودٌ عند الشَّرعِ، فلا بُعْدَ فيه.

<<  <  ج: ص:  >  >>