الْعَوَالِى فَيَأْتِيهِمْ وَالشَّمْسُ مُرْتَفِعَةٌ، وَبَعْضُ الْعَوَالِى مِنَ الْمَدِينَةِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَمْيَالٍ أَوْ نَحْوِهِ. أطرافه ٥٤٨، ٥٥١، ٧٣٢٩ - تحفة ١٤٩٥
٥٥١ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ كُنَّا نُصَلِّى الْعَصْرَ ثُمَّ يَذْهَبُ الذَّاهِبُ مِنَّا إِلَى قُبَاءٍ، فَيَأْتِيهِمْ وَالشَّمْسُ مُرْتَفِعَةٌ. أطرافه ٥٤٨، ٥٥٠، ٧٣٢٩ - تحفة ١٥٣١
٥٥٠ - قوله: (فيذهَبُ الذَّاهِبُ) ... الخ. ولا بَأْسَ أَنْ تكونَ الصَّلاة ههنا بِتَعْجِيلٍ يسير، وهناك بتأخيرٍ كذلك، والفاصلة بقَدْرِ ميل.
قوله: (العَوَالي) تسمى العُمْرانات التي في شرق المدينة بالعَوَالي، والتي في جانب غربها بالسَّوَافِل.
وحاصل الحديث: أنهم كانوا يُصلُّون العصرَ في المسجد النبوي، ثُمَّ ينتشرون إلى القرى في عوالي المدينة، فَيَأْتُونَها والشمسُ مرتفعة، وهذا لا يدلُّ على تأخيرٍ فوق ما أراده الحنفية، فإِنَّه مما يَتَيسر على طريقنا أيضًا.
١٥ - باب إِثْمِ مَنْ فَاتَتْهُ الْعَصْرُ
٥٥٢ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «الَّذِى تَفُوتُهُ صَلَاةُ الْعَصْرِ كَأَنَّمَا وُتِرَ أَهْلَهُ وَمَالَهُ». تحفة ٨٣٤٥
قال أبو عبد الله: {يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ} [محمد: ٣٥]، وترت الرجل: إذا قتلت له قتيلًا، أو أخذت له مالًا.
واختلفوا في تفسير الفوات، فقيل: فوات الجماعة، وقيل: دخولُها في الاصفرار كما فَسَّر به الأَوْزَاعي (١) عند أبي داود قال: وذلك أَنْ تَرَى ما على الأرضِ مِنَ الشمسِ صفراء، وقيل: الغروب. ومَنْ فَسَّرَهُ بفواتِ الجماعة، فنظره أنَّ الصَّلاةَ بدون الجماعة كأنَّها لا يُعبأُ بها عند الشرع، فإِذا فاتته الجماعة وكأنَّما فاتته العصر.
والوجه عندي أنَّ الأحاديث لمَّا وردت بالوعيد على كلَ مِنْ هذه الأوصاف، جعلوها تفسيرًا للفواتِ مع أَنَّ كله مستقل برأسه، ومضمون على حياله، لا أنَّها تفسير له. وما تحقق عندي أَنَّ الفواتَ يبدأ مِن الاصفرار وينتهي بالغروب، فإِذا غَرَبَت الشمسُ، فقد فاتَت بجميع مراتبها، فهذا الفَوات هو الكامل.
(١) وهو إمامٌ جليل القَدْرِ، أصغر من الإِمام أبي حنيفة رحمه الله تعالى، فإنَّه لقي أنسًا رضي الله عنه بلا خلاف، وادَّعى العيني رحمه الله تعالى أنَّه لقي ستةً أو سبعة، وتَعَقَّبَ عليه العلامة القاسم بنُ قُطْلُوبُغا وهو تلميذُ الحافظ ابن حجر، وابن الهُمام رحمهما الله تعالى، وقال: إنه لم يَثْبُت لقاؤه إلا مِن أنسٍ رضي الله عنه، أما الأوزاعي فلم يَرَ أحدًا من الصحابة رضي الله عنهم، نعم هو أسنّ من الإمام مالك رضي الله عنه. كذا في تقرير الفاضل عبد العزيز، عن كلام الشيخ.