للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قوله: (وَطَاءً مُواطأة). قلتُ: والتفسيرُ في غَيْرِ مَوْضِعه. والذي يلائِمُهُ هو تفسيرُ الوطأ به. فإنَّ الوِطَاء - بالكسر - معناه المواطأة والموافقة، أي ما يخرجُ من اللسانِ يوافِقُه القَلْبُ. أما الوَطَأ - بالفتح - فمعناه وَطأ الشيء أي دَاسه. ومن العجائب أنَّ المشهورَ في كُتب التجويدِ من قراءة حَفْص هو الوِطَاء - بالكسر - مع أن قراءةَ أهلِ الهند هو الوَطَاء - بالفتح: وهُم يقرؤون قِراءَةَ حَفْص، فلا أدري من أين اشتهر هذا. ولَعَلَّك عَلِمْت أنَّ ابنَ عباس رضي الله تعالى عنه إنَّمَا فَسَّر قراءةَ الكسر دون الفتح.

١١٤١ - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ حُمَيْدٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسًا - رضى الله عنه - يَقُولُ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُفْطِرُ مِنَ الشَّهْرِ حَتَّى نَظُنَّ أَنْ لَا يَصُومَ مِنْهُ، وَيَصُومُ حَتَّى نَظُنَّ أَنْ لَا يُفْطِرَ مِنْهُ شَيْئًا، وَكَانَ لَا تَشَاءُ أَنْ تَرَاهُ مِنَ اللَّيْلِ مُصَلِّيًا إِلَاّ رَأَيْتَهُ وَلَا نَائِمًا إِلَاّ رَأَيْتَهُ. تَابَعَهُ سُلَيْمَانُ وَأَبُو خَالِدٍ الأَحْمَرُ عَنْ حُمَيْدٍ. أطرافه ١٩٧٢، ١٩٧٣، ٣٥٦١ - تحفة ٧٤٢، ٦٨٢، ٦٨٠

١١٤١ - قوله: (يُفْطِرُ مِنْ الشَّهْرِ حَتَّى نَظُنَّ أَنْ لا يَصُومَ مِنْهُ). ولَمَّا لم يُوَاظِب النبيُّ صلى الله عليه وسلّم في باب الصيامِ والصلواتِ على عادةٍ كلية، لا باعتبارِ حِصَص الليل، ولا باعتبارِ المِقْدَار، بقي تعبيرُ الرواةِ عن وظائِفِه كما ترى، فاعلمه.

١٢ - باب عَقْدِ الشَّيْطَانِ عَلَى قَافِيَةِ الرَّأْسِ إِذَا لَمْ يُصَلِّ بِاللَّيْلِ

١١٤٢ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «يَعْقِدُ الشَّيْطَانُ عَلَى قَافِيَةِ رَأْسِ أَحَدِكُمْ إِذَا هُوَ نَامَ ثَلَاثَ عُقَدٍ، يَضْرِبُ كُلَّ عُقْدَةٍ عَلَيْكَ لَيْلٌ طَوِيلٌ فَارْقُدْ، فَإِنِ اسْتَيْقَظَ فَذَكَرَ اللَّهَ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فَإِنْ تَوَضَّأَ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فَإِنْ صَلَّى انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ فَأَصْبَحَ نَشِيطًا


= لأَجْلِها. وإنما عبر عن الثلُث بالقليلِ لكونه قليلًا بالنسبةِ إلى الثلثين، ولأن استثناءَ القليلِ يبدأ من القِلة في أجزاء الثلث، وينتهي بالثلث، فأَرادَ أن يتدرَّج فيه المصَلِّي ويجعلَ عشاءه في أيِّ جزء منه شاء. فإِن أَراد الفَضل أَخرَها إلى الثلث كما بينه النبي - صلى الله عليه وسلم - في غير حديث: "لولا أن أَشق على أمتي لأَمَرتهم بالسواك عند كل وضوء ولأَخرت العِشاءَ إلى ثلثِ الليل". نعم بعد ذلك له فُسحةٌ إلى النصف.
وبالجملة جعَلَت المزمِّل الثلثَ للعشاء، والثلثَ والثلثين لصلاةِ الليل، والسدسَ التُحِق بالعشاء مَرَّةً وبصلاةِ الليل
أخرى. ومِن ههنا انحَلَّت عقدَة لم تَحُلَّها أَنامِلُ الأَنظارِ، وكلَّت عن دركِها الأَفكارُ، وهي أن المأمورَ به في صَدر المزمِّل إذا كان قيامُ الليلِ كله تقريبًا، كيف صَحَّ وقوعُ الصُّوَر الثلاث بدلًا عنه؟ وهذا جذرٌ أصم لا يَنطِقُ بالجواب، ولا يسمع. وقد اضطرب له المفسرون، والحلَّ ما عرفت.
يقول العبد الضعيف: وكل ذلك حَكَيته على لسانِ الشيخ رحمه الله تعالى. وقد كان الشيخُ رحمه الله تعالى تكلم في حَلِّه في مواضع، إلا أني لم يَحضر لي الآن إلا موضعٌ واحدٌ، فأتيت به على ما فهمتَه بعد تَفَكْر بالغ مني، وسأعود إليه إن شاء الله تعالى إِن وجدتُ تفصيلَه في موضعٍ آخَر. وأرجو مِن اللهِ تعالى أن يكونَ العودُ أَحمدَ، والله تعالى أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>