واعلم (١) أنهم اختلفوا في تعديد الكبائر، وتحديدها، والظاهر أن ما جاء الوعيد عليها في القاطع، أو ما ثَبَت بقياسِ المجتهد على القاطع، فكلُّها كبائرُ.
[فائدة]
واعلم أنه سبق إلى بَعْض الأوهام أن الفَرْض لا يَثْبُت إلا بالقطعيِّ، وليس بصحيح فإِنَّ الفَرْض كما يَثْبُت بالقطعي، كذلك يَثْبت بالظنِّي، حتى بِالقياس أيضًا؛ فيجوزُ للمجتهد أن يقول: إن هذا الجزءَ مِثْلُ هذا الجزءِ المنصوص عندي، فيكون فرْضًا مِثْلَه، إلا أَنَّ الفَرْق بين الفَرْضَيْن: أَنَّ الفَرْضَ الثابِتَ بالقاطع يكونُ قَطْعيًا، والثابِتَ بالقياس، أو بظنِّي آخر يكون ظنيًا. وذلك لأنَّهم قَسَموا ما ثبت بالكتابِ إلى أقسام، وهو قطعيٌّ قَطْعًا، ثُم قالوا: إنَّ كلَّ ما ثبتِ بالكتاب يثبت بسائر الأدلة أيضًا، فاكتفوا بالإِجمال عن التفصي، فاشتَبه الأَمْرُ على بعضهم، وزعم أَنَّ الفَرْض لا يَثْبُت إلا بالقاطع، حتى أَنَّه عَرَّف الفَرْض بما يكون ثابتًا بالقاطع، مع أنه تعريفٌ للقطعيِّ منه، لا مطلقًا، فإِنَّه قد يكونُ ظنيًا أيضًا، وذا يَثْبُت من الظنيِّ.
٢٧٦٧ - قوله:(وكان ابنُ سِيرين) ... الخ، وفي «الكنز» أنه يجعل الوصيّ الجَدَّ وَوَصِيّه، والقاضي وَوَصِيّه، وقد تكون الأمُ أيضًا وصيًّا، فيجوز فهم التصرُّفُ فَحَسْب.
[حكاية]
رُوي أن تلميذًا من تلامذةِ محمدٍ مات، وكان معه في سفر، فباع محمدٌ مالَه، وكَفَّنه فيه.
(١) وقد تكلّم عليه في "المعتصر" مبسوطًا، ولا يمكنُ تَلخِيصُه في هذه الحاشية المختصرة، فليراجع.