للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

كَانَ شَىْءٌ أَهَمَّ إِلَىَّ مِنْ ذَلِكَ الْمَضْجَعِ، فَإِذَا قُبِضْتُ فَاحْمِلُونِى ثُمَّ سَلِّمُوا ثُمَّ قُلْ يَسْتَأْذِنُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ. فَإِنْ أَذِنَتْ لِى فَادْفِنُونِى، وَإِلَاّ فَرُدُّونِى إِلَى مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ، إِنِّى لَا أَعْلَمُ أَحَدًا أَحَقَّ بِهَذَا الأَمْرِ مِنْ هَؤُلَاءِ النَّفَرِ الَّذِينَ تُوُفِّىَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ عَنْهُمْ رَاضٍ، فَمَنِ اسْتَخْلَفُوا بَعْدِى فَهُوَ الْخَلِيفَةُ، فَاسْمَعُوا لَهُ وَأَطِيعُوا. فَسَمَّى عُثْمَانَ وَعَلِيًّا وَطَلْحَةَ وَالزُّبَيْرَ وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ وَسَعْدَ بْنَ أَبِى وَقَّاصٍ، وَوَلَجَ عَلَيْهِ شَابٌّ مِنَ الأَنْصَارِ فَقَالَ أَبْشِرْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ بِبُشْرَى اللَّهِ، كَانَ لَكَ مِنَ الْقَدَمِ فِى الإِسْلَامِ مَا قَدْ عَلِمْتَ، ثُمَّ اسْتُخْلِفْتَ فَعَدَلْتَ، ثُمَّ الشَّهَادَةُ بَعْدَ هَذَا كُلِّهِ. فَقَالَ لَيْتَنِى يَا ابْنَ أَخِى وَذَلِكَ كَفَافًا لَا عَلَىَّ وَلَا لِى أُوصِى الْخَلِيفَةَ مِنْ بَعْدِى بِالْمُهَاجِرِينَ الأَوَّلِينَ خَيْرًا، أَنْ يَعْرِفَ لَهُمْ حَقَّهُمْ، وَأَنْ يَحْفَظَ لَهُمْ حُرْمَتَهُمْ، وَأُوصِيهِ بِالأَنْصَارِ خَيْرًا الَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ أَنْ يُقْبَلَ مِنْ مُحْسِنِهِمْ، وَيُعْفَى عَنْ مُسِيئِهِمْ، وَأُوصِيهِ بِذِمَّةِ اللَّهِ وَذِمَّةِ رَسُولِهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يُوفَى لَهُمْ بِعَهْدِهِمْ، وَأَنْ يُقَاتَلَ مِنْ وَرَائِهِمْ، وَأَنْ لَا يُكَلَّفُوا فَوْقَ طَاقَتِهِمْ. أطرافه ٣٠٥٢، ٣١٦٢، ٣٧٠٠، ٤٨٨٨، ٧٢٠٧ - تحفة ١٠٦١٨ - ١٢٩/ ٢

وهو مسلم كما هو مذهبُ الحنفية.

١٣٩١ - قوله: (لا تَدْفِنِّي) لأَنَّه قُدِّرَ أن يُدْفَنَ فيه عليه الصلاة والسلام.

١٣٩٢ - قوله: (فإذا قُبِضْتُ فاحْمِلُوني) - وذلك لأنه يمكنُ أن تكونَ أجازتُها في حياته رعايةً له، ولا تكون عن صميم قلبٍ، فإِذا مات لم يَبْق هذا الاحتمالُ، فأمر أن يستأذنوا مرةً أُخرى.

قوله: (تبوءوا الدَّارَ والإِيمان) يعني إيمانَ بين هكاناليا، أي صار مكانُهم ومستقرُّهم الإِيمانَ. هذا هو المرادُ، لا استعارةَ فيه كما زعموا.

٩٧ - باب مَا يُنْهَى مِنْ سَبِّ الأَمْوَاتِ (١)

١٣٩٣ - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لَا تَسُبُّوا الأَمْوَاتَ فَإِنَّهُمْ قَدْ أَفْضَوْا إِلَى مَا قَدَّمُوا». وَرَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْقُدُّوسِ عَنِ الأَعْمَشِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَنَسٍ عَنِ الأَعْمَشِ. تَابَعَهُ عَلِىُّ بْنُ


(١) قلت: وقد يَخْطُر بالبالِ أن النهي عن سَبِّ الأموات من باب تهذيب الأخلاق. وقد كان النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بُعث ليُتَمِّم مكارم الأخلاق وليس السبُّ بعد الموتِ من الأخلاق الحسنة في شيء. وإِذَن يشتركُ فيه المؤمنُ والكافرُ فإِنَّ الرَّجُلَ إِذا أَفْضَى إلى ما قَدَّم ولم تَبْقَ له معاملةٌ معنا فحينئذ لا يناسِب لنا أن نقعَ فيه، وحينئذٍ لا يكون في ذِكر مساوئهم بأسٌ إذا دعت إليه حاجةٌ. فالتعميم فيه ليس مقصودًا ليُشْكِل التخصيصُ، وإنما هو من الأمورِ التي لا يُقْصَد تعميمُها في ذِهن المتكلِّمِ من بدء الأمْر، والله تعالى أعلم بالصواب.

<<  <  ج: ص:  >  >>