للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

رَابَكُمْ إِلَيْهِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا يَسْتَقْبِلُكُمْ بِشَىْءٍ تَكْرَهُونَهُ فَقَالُوا سَلُوهُ فَسَأَلُوهُ عَنِ الرُّوحِ فَأَمْسَكَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِمْ شَيْئًا، فَعَلِمْتُ أَنَّهُ يُوحَى إِلَيْهِ، فَقُمْتُ مَقَامِى، فَلَمَّا نَزَلَ الْوَحْىُ قَالَ {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا (٨٥)}. أطرافه ١٢٥، ٧٢٩٧، ٧٤٥٦، ٧٤٦٢ - تحفة ٩٤١٩ - ١٠٩/ ٦

١٤ - باب {وَلَا تَجْهَرْ (١) بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا} [الإسراء: ١١٠]

٤٧٢٢ - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ حَدَّثَنَا أَبُو بِشْرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - فِى قَوْلِهِ تَعَالَى {وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا} قَالَ نَزَلَتْ وَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مُخْتَفٍ بِمَكَّةَ، كَانَ إِذَا صَلَّى بِأَصْحَابِهِ رَفَعَ صَوْتَهُ بِالْقُرْآنِ فَإِذَا سَمِعَهُ الْمُشْرِكُونَ سَبُّوا الْقُرْآنَ وَمَنْ أَنْزَلَهُ، وَمَنْ جَاءَ بِهِ، فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى لِنَبِيِّهِ - صلى الله عليه وسلم - {وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ} أَىْ بِقِرَاءَتِكَ، فَيَسْمَعَ الْمُشْرِكُونَ، فَيَسُبُّوا الْقُرْآنَ، {وَلَا تُخَافِتْ بِهَا} عَنْ أَصْحَابِكَ فَلَا تُسْمِعُهُمْ {وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا}. أطرافه ٧٤٩٠، ٧٥٢٥، ٧٥٤٧ - تحفة ٥٤٥١

٤٧٢٣ - حَدَّثَنِى طَلْقُ بْنُ غَنَّامٍ حَدَّثَنَا زَائِدَةُ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ أُنْزِلَ ذَلِكَ فِى الدُّعَاءِ. طرفاه ٦٣٢٧، ٧٥٢٦ - تحفة ١٦٨٩٢

واعلم أنَّ الآيةَ أَشْكَلت على العلماء، فإنَّ الجَهْر في الفِقْه إسماعُ الغير، والسرَّ إسماعُ النَّفْس، وإِذن ماذا يكون السبيلُ بين السَّبِيلَين؟ والوجه عندي أنَّ الجَهْر المنهيَّ عنه محمولٌ على اللغة، وهو أَرْفَعُ من الجَهْرِ الفِقْهي، على حدَّ قَوْله تعالى: {وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ} [الحجرات: ٢] أي بِرَفْع الصوت على عادةِ الأَعْراب، ومَحَطُّ الآيةِ التحذيرُ عن طَرَفي الإِفراط والتفريط، والمعنى لا تَجْهَر كُلَّ الجهر، ولا تخافت كلَّ المخافتة، واتخذ لقراءتك سبيلًا بين ذلك، حسب ما ناسب في الصلوات من الجَهْر والسر. فالمنهيُّ عنه الإِفراطُ في الجهر، والتفريط فيه، فإِذَن السبيلُ المأمورُ به هو عينُ الجَهْر الفِقْهي، وإن كان غيرَ الجَهْرِ المعروفِ في اللغة.

أما وجوبُ الجَهْر في الجهرية، والإِسرار في السِّرِّيَّة، فذلك أَمْرٌ مَعْلومٌ من الخارج، لا أُحِبُّ أن أُدْخِله تحت النصِّ، فإِنه أَمْرٌ مختَلَفٌ فيه، فليكن حَسَب ما تقرَّر عندهم من الدلائل الخارجية، وهو المَلْحَظ عندي في قوله تعالى: {وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ} [الأعراف: ٢٠٥] فهذا النهي أيضًا يَنْصَبّ على الإِفراط فيه، ولذا وَصَفه بقوله: {مِنَ الْقَوْلِ} فدخلت فيه الصلواتُ الخَمْس أيضًا على


(١) كما في "فتح الباري" من أول التعبير.

<<  <  ج: ص:  >  >>