للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَقالَ مُجَاهِدٌ: {بِالدِّينِ} [الماعون: ١، الانفطار: ٩] بِالحِسَابِ. {مَدِينِينَ} [الواقعة: ٨٦] مُحَاسَبِينَ.

٤٤٧٤ - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ شُعْبَةَ قَالَ حَدَّثَنِى خُبَيْبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ عَنْ أَبِى سَعِيدِ بْنِ الْمُعَلَّى قَالَ كُنْتُ أُصَلِّى فِى الْمَسْجِدِ فَدَعَانِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَلَمْ أُجِبْهُ، فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّى كُنْتُ أُصَلِّى. فَقَالَ «أَلَمْ يَقُلِ اللَّهُ {اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ} [الأنفال: ٢٤] ثُمَّ قَالَ لِى لأُعَلِّمَنَّكَ سُورَةً هِىَ أَعْظَمُ السُّوَرِ فِى الْقُرْآنِ قَبْلَ أَنْ تَخْرُجَ مِنَ الْمَسْجِدِ». ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِى، فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ قُلْتُ لَهُ أَلَمْ تَقُلْ «لأُعَلِّمَنَّكَ سُورَةً هِىَ أَعْظَمُ سُورَةٍ فِى الْقُرْآنِ». قَالَ «{الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (٢)} هِىَ السَّبْعُ الْمَثَانِى وَالْقُرْآنُ الْعَظِيمُ الَّذِى أُوتِيتُهُ». أطرافه ٤٦٤٧، ٤٧٠٣، ٥٠٠٦ - تحفة ١٢٠٤٧ - ٢١/ ٦

قوله: (وسُمِّيت أُمَّ الكتاب، لأَنَّه يُبْدأ بكتابتها في المصاحف) إلخ. قلتُ (١): ولم يَنْكَشِف مما نقله المصنِّفُ شيءٌ. والصوابُ عندي أن الأُم في الأَصْل يقال للدجاجة التي تُقَرْقِر، لتكفت إليها أَفْراخُها، وكذا يقال: الأم، للرايةِ، لأنَّ الجيش يعودُ إليها عند الكَرِّ والفَرِّ.

إذا عَلِمت هذا، فاعلم أنَّ الفاتحةَ سُمِّيت بأُمِّ الكتاب، لأنها تبقى في محلها، وكأنَّ سائرَ السُّور تجيء، وتنضم معها على سبيل البدلية، فهي متعيِّنة للقراءةِ، وسائرُها مخيَّرة، فكأنَّها كالوَتد للقراءةِ في الركعة، وبعبارةٍ أُخْرى أنه إذا أُريد حَوْزُ الأشياء في مكان تَخَيَّر له المكانَ أَوَّلًا، ليجمع فيه، فالفاتحة لهذا التعيين، ثم تحومُ سائرُ السُّورِ حَوْلَها. وسيجيءُ له مزيدُ التوضيح في «فضائل القرآن».

[فائدة]

واعلم أنَّ الأحاديثَ قد تَرِد كاشفةً عن أنظار ذهنيةٍ، ولا يُدْرى إلى أين جَرْيُها، وكَفُّها، وطردُها، وعَكْسُها، فيظهَر بعضُها في العمل أيضًا، ويبقى بعضُها في النَّظَر فقط. ففي مِثْل هذه الأحاديثِ يَجِب النَّظر إلى العَمل أيضًا، ولا ينبغي القَصْر على اللفظ فقط، لينكشف أنه هل اعتُبر هذا النَّظَرُ في حَقِّ العمل أيضًا، أو بقي في النَّظَر فقط، كالإِيتار


(١) قال الحافظ: هو كلامُ أبي عبيدة في أول "مجاز القرآن"، لكن لفظه: ولسُورِ القرآنِ أسماء: منها أن {الْحَمْدُ لِلَّهِ} تسمى أم الكتاب، لأنه يبدأ بها في أوَّل القرآن، وتعاد قراءتُها، فيقرأ بها في كل ركعة قبل السورة؛ ويقال لها: فاتحة الكتاب، لأنه يُفتتح بها في المصاحِف، فتكتب قبل الجميع اهـ. وبهذا تبيَّنَ المرادُ مما اختصره المصنِّف، اهـ. قلتُ: ومِن هنا ظَهَر معنى قَوْل الشيخ -مما نَقَله المصنِّف- وقد بسط الحافِظ في وَجْه التسمية معاني أُخَر، فليراجع.

<<  <  ج: ص:  >  >>