والكلام فيه كالكلام في المزارعة، والنقض النقض، والجواب الجواب، ولعل تفريعاتِ الإِمام الأعظم في «باب المساقاة» مع القول بالبطلان، لعدم كونها معصيةً في نفسها. وقد عَلِمت أن الشيء مع كونِه باطلا قد تكون له أحكامٌ.
أي حظّ الماء. والماءُ عندنا على ثلاثةِ أقسام، وراجع له «الهداية».
قوله:{وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ}[الأنبياء: ٣٠] ... الخ. وعن ابن عباس أنَّ الله تعالى خَلَق الماءَ أولا، ثُمَّ خلق السمواتِ والأَرَضِين بتلطِيفه وتكثيفه، فظهر معنى {كُلَّ شَيْءٍ} بلا تأويل.
وادَّعَى علماءُ أوروبا أن أول المادة «السَّديم»"كهر"، ويا أَسَفَي على الناس إنهم إذا بَلَغهم أمرٌ مِن جِهتهم يُغْرِي بِقُلوبِهم، وإن كان من التُّرَّهات. وإذا سمعوا نبأً مِن وحي السماء إذا هم يَنْكُصُون. أوَ لا يرون حالَ تحقيقاتِهم أنهم يغزِلُون أمرًا في سنين، ثم يَنْقُصُونَه في ساعةٍ، كما حقَّقْوا بعد مُضِي الدهور؛ أنَّ نوعَ الإنسان كان من أصله قِرَدَةٌ، فتدرَّج، وتدرَّج حتى رقى إلى هذه النشأة، وسموه ارتقاءً، ثُم تبينَ لهم الآن أنه غَلَطٌ فاحش. فهذا حالُهم يؤمنون بأمرٍ وَجْه النَّهار، ويكفرون آخِرَهُ. وهكذا قد أنكروا وجودَ الرُّوح دَهْرًا طويلا، ثم آمنوا به.
حتى ذكر «وجدي» في «دائرة المعارف»: إن مئتين وخمسينَ صحيفةً تشاعُ اليوم في إثبات وجود الروح، والجن. فيا حسرَتا على الذين تركوا وحي نبيِّهم لهولاءِ السفهاءِ، وآمنوا بما قالوه، وماتوا وهُم يَزْعُمون أن الروح والجنَّ أوهامًا. ولو كانوا اليومَ أحياءً لتحسَّروا على ما فرَّطوا فيه، وهم بعدُ في قبورهم يتحسرون، فهدانا الله، وثبتنا على سواء الصراط. فَتَرْك الإِيمان من ظُنونِهم الفاسدة، ليس من الكِياسة في شيءٍ، وإن زعموه كِياسةً، وعلمًا، وتحقيقًا، وَتَنَوُّرًا. فإنّه سَفَهٌ، وجهْلٌ، وحمق، وغباوة، وبعد ذلك عارٌ للإِنسانية إلى يوم التناد، أيتركون النورَ بالظلمة، والعلمَ بالجهل، والمشاهدةَ بالإِخبار، واليقينَ بالشكِّ، والصواب بالأغلاط، فأنَّى يذهبون، وبأي حديث بعده يؤمنون؟!.