طعامٌ لكم، فالاصطياد حلال مطلقًا، والحلال للأكلِ ما هو طعامُه فقط.
ألا ترى أنَّ الله حرم علينا الخبائث مطلقًا، قال تعالى:{وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ}، وكذا كلّ ذي ناب، وذي مَخْلب، ولم يفصِّل بينهما بكونه بحريًا أو بريًا، مع أنَّ العلة توجبُ العمومَ، وكذا لم يتوارث إلا أكل السمك، وهو الطعام في الأمم السالفة، فقال تعالى:{إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ}[الأعراف: ١٦٣] إلخ، فلم يذكر غير الحوت، وهي التي كانت في غداء موسى عليه السلام حين سافر إلى حيث لقي الخضر عليه السلام. ولم يُعرف من الصحابة أكلُ شيءٍ من الحيوانات غير السمك. والعنبر كان حوتًا، كما في البخاري، وحينئذ كفانا ما أحل الله سبحانه لنا من حيوانات البر، وليست لنا حاجةٌ أنْ نأكل سباعَ البحرِ وخبائثه. وقد ذكرنا الكلام فيه في تقريرنا على الترمذي مبسوطًا.
٢ - باب إِذَا صَادَ الْحَلَالُ فَأَهْدَى لِلْمُحْرِمِ الصَّيْدَ أَكَلَهُ
ذهب جماعة من السلف إلى أنه لا يحلُ لحم الصيد للمحرِمِ مطلقًا سواء صاده أو صِيْد له، أو لم يصد له. وقال الحجازيون بجوازه، بشرط ما لم يصدْ له. ويجوز عندنا ما لم يُشِرْ، أو يُعن عليه، سواء صِيْد له أو لا. والبخاري وَافقنا في المسألة، ولذا لم يخرج حديثَ الحجازيين، وأخرج حديثَ أبي قتادة، وهو حجةٌ للحنفية. وليس في طريق منه أنَّه سأله أنه صَاده بنيَّتِهم أو لا. مع أن المدارَ عند الشافعية، والظاهرَ من عادات الناس أنهم ينوون في مثله لرفقائهم أيضًا، سيما إذا كان الصيدُ كالحمار الوحشي، جسيمًا، يُشبِعُ جماعةً. ومع أنه سأله عن دلالته وإشارته، فهذا وإن كان سُكوتًا، لكنه سكوتٌ في موضع البيان، فهو بيانٌ حكمًا. أيّ بيان، ولو