للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بن مُنبِّه، فعلم أنهم أخذوه من النقول القديمة، نعم قاله تابعيُّ من المسلمين أيضًا.

وقد ثبت عنه بأسانيدَ أصحَّ منه تفسيرُ: {مُتَوَفِّيكَ} برافِعِك إلى السماء. ولَئن سلّمناه، ففيه تقديمٌ وتأخيرٌ، فالمذكور مُقدَّمًا ذِكْرًا، مُؤخّرٌ صِدْقًا، كما قرره الزمخرشيُّ في قوله تعالى: {يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ} [آل عمران: ٤٣] حيث ذَكَر فيه السجودَ مقدَّمًا على الركوعِ، مع كَوْنه مؤخَّرًا في الواقع، فقال: إنَّ السجودَ لم يكن في صلاتهم، فأَمَرها به، ثُم أَرْدَفه بأَمْر الركوع قَبْلَه، لئلا يُتوهّم الاقتصارُ على السجود. والمعنى أن اسجدي واركعي قَبْله أيضًا. فهكذا قوله: {إِنِّي مُتَوَفِّيكَ} [آل عمران: ٥٥] أي الآن، {وَرَافِعُكَ إِلَيَّ} [آل عمران: ٥٥] قَبْلَه أيضًا، وهو معنى الواو عندي.

ثم إنك قد عَلِمت أن التَّوفِّي مُستعملٌ فيما وُضِع له عند القرآنِ، وكِنايةٌ عند البُلَغاء الذين أدركوا العَلاقةَ، ومجازٌ متفرِّعٌ على الكنايةِ عند العوام. فإِنَّ اللفظ إذا اشتهر في معنى آخَر، وصارت العلاقةُ نَسْيًا مَنْسيًّا، يقال له: المجازُ المتفرِّع على الكناية. زعم القاديان - لعنه الله - أنَّ الإِمام البخاريَّ أخذ تفسيرَ ابن عباس إِشارةً إلى وفاة عيسى عليه الصلاة والسلام - قَاتَلَهُ اللَّهُ - ما أكثرَ افتراءه على السَّلف. أما عَلِم أنه أَخَذ تفسيرَه من «مجاز القرآن»، فنقله بما فيه، بدون جُنوح إلى جُرْح وقَدْح، ثُم إنَّه لم يُوفّق لأنْ ينظر أنه جعل «إذ» للاستقبال، فكيف يذهب إلى الوفاةِ، ونحو هذه الخرافاتِ، أَغْنى عن الردِّ.

٤٦٢٣ - قوله: (رأَيتُ عَمْرَو بنَ عامِر) ... إلخ. ويقال له: عَمْرو بن لحيّ، قيل: إنَّه أَوَّلُ مَنْ أَفْسد الدِّينَ الإِبراهيمي، وهو مَنْ أتى بِهُبل من العراقِ.

قوله: (الوَصِيلَةُ: النَّاقة البِكْرُ، تُبَكِّرُ في أَوَّلِ نِتَاجِ الإِبلِ، ثُم تُثَنِّي بَعْدُ بأُنْثَى) أي وهي النَّاقة التي تَلِد بأنثيين، ولا يكون بينهما ذَكَر.

قوله: (والحَام) قيل: إنَّه مِن الحَامِي، وهو الذي يُحْمَى عن حَمْل الأَثقال. فلا أَدْرِي هل أَجْرُوا عليه مسألةَ الترخيم، أو ماذا؟ وقُرىء بالضمِّ أيضًا، والحام أيضًا، ولا يَصِحُّ فيه التخريجُ المَذْكُور أَصْلًا.

[فائدة]

واعلم أنَّ الإِهلالَ لغيرِ الله تعالى، وإنْ كان فِعْلًا حرامًا، لكنَّ الحيوانَ المهل حلالٌ إنْ ذَكَّاه بشرائطه، وكذا الحُلْوان التي يُتقرَّبُ بها للأوثان أيضًا جائزةٌ على الأَصْل. أما السَّوائب، فتكلَّموا فيها أنها تَخْرُج بعد التقرُّب من مِلْك صاحِبها، أو لا؟ فراجعه في الفِقْه.

٤٦٢٥ - قوله: (إنَّ أَوَّل الخَلَائِقِ يُكْسى) ... إلخ، واختصَّ إبراهيمُ عليه الصلاة والسلام بالكُسوة أوَّلًا، لأَنَّه أَوَّلُ مَنْ جُرِّد في سبيل الله، واستثنى موسى عليه الصلاة

<<  <  ج: ص:  >  >>