(٢) قلت: ومن ههنا عَلِمْتَ أنه ليس مراد الترمذيِّ من قوله: لمعنى رمضان، أو لحال رمضان. وحاصلُه على هذا التقدير: أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - نهى عن تقدُّم رمضانَ بيومٍ أو يومين لتعظيم رمضان، وإذ هو ليس في شيء من التعظيم شرعًا، فلا ينبغي له أن يتقدَّمَ رمضانَ بصومٍ. والصوابُ أن مرادَ الترمذيِّ منه أن يتقدَّم برعاية رمضان، فإِن التخليطَ في الأهِلَّة لا يكونُ إلَّا بيوم أو يومين، وَيشُقُّ على العامة أن يَفُوتَ عنهم صومٌ من رمضان، فيتقدَّمونه بيومٍ أو يومين، ليُدْرِكُوا جميعه. فأخبر أن هذا التقديمَ ليس بشيءٍ، وأمرهم بأن يَصُومُوا لرؤيته، ويُفْطِرُوا لرؤيته. وكم من فرقٍ بين المعنيين: فإن معنى التعظيم: أن رمضانَ أمامك، فَتحِبُّ أن تُعَظِّمَهُ وتستقبله بصوم يوم أو يومين، تعظيمًا له. بخلاف رعاية رمضان، فإنه بالنظر إلى أن لا يَفُوتَ عنك صومٌ من رمضان، فَتَحطَاطَ فيه، وتتقدَّمه بصوم يومٍ أو يومين لتستوفي جميعَ أيامه، ولا تَتْرُك منها شيئًا، فهذا هو الذي نهى عنه صاحبُ الشَّرعِ. والرعايةُ من قِبَله بدون أمرٍ منه، حمقٌ وغباوةٌ. =