للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بِالشَّطْرِ، فَكَانَ ذَلِكَ عَلَى عَهْدِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَأَبِى بَكْرٍ وَصَدْرًا مِنْ خِلَافَةِ عُمَرَ، وَلَمْ يُذْكَرْ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ جَدَّدَا الإِجَارَةَ بَعْدَ مَا قُبِضَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم -.

٢٢٨٥ - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ بْنُ أَسْمَاءَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - قَالَ أَعْطَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - خَيْبَرَ أَنْ يَعْمَلُوهَا وَيَزْرَعُوهَا وَلَهُمْ شَطْرُ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا، وَأَنَّ ابْنَ عُمَرَ حَدَّثَهُ أَنَّ الْمَزَارِعَ كَانَتْ تُكْرَى عَلَى شَىْءٍ سَمَّاهُ نَافِعٌ لَا أَحْفَظُهُ. أطرافه ٢٣٢٨، ٢٣٢٩، ٢٣٣١، ٢٣٣٨، ٢٤٩٩، ٢٧٢٠، ٣١٥٢، ٤٢٤٨ - تحفة ٧٦٢٤

٢٢٨٦ - وَأَنَّ رَافِعَ بْنَ خَدِيجٍ حَدَّثَ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَنْ كِرَاءِ الْمَزَارِعِ. وَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ حَتَّى أَجْلَاهُمْ عُمَرُ. أطرافه ٢٣٢٧، ٢٣٣٢، ٢٣٤٤، ٢٧٢٢ - تحفة ٣٥٨٦

ولا يُسْتَأْصَلُ الزرعُ عندنا، بل يَمْكُثُ حتى يَخْرُجَ عن الخسارة. وقال الحسنُ خلافًا للحنفية: فإن الإِجارةَ تَنْفَسِخُ عندنا بموت أحد المُتَعَاقِدَيْنِ.

قوله: (ولم يُذْكَرْ أنَّ أبا بَكْرٍ وعُمَرَ جَدَّدا الإِجارةَ)، والعَجَبُ من البخاريِّ أنه يَجْعَلُ معاملةَ النبيِّ صلى الله عليه وسلّم مع أهل خَيْبَرَ إجارةً، ثم يَحْكُمُ بإمضائها بعد وفاة أحد المُتَعَاقِدَيْن، وهي عند الحنفية خَرَاجٌ مُقَاسَمَةً. قلتُ: كيف (١) يكون خَرَاجًا مقامسةً، مع أن الأرضَ فيه تكون للزراعين، وأرض خَيْبَرَ كانت للغانمين، كما في «الهداية» من السِّيَر: أن خَيْبَرَ فُتِحَتْ عَنْوةً، فتكون أراضيها لأهل الإِسلام، ولو كانت خَرَاجًا مقاسمةً لكانت لليهود.

وأجاب عنه مولانا شيخ الهند: أن الخَرَاجَ، وإن كان في الأصل كما قلتَ، لكن المرادَ منه ههنا هو مقاسمةُ الخارج فقط، سواء كانت الأرض للزراعين، أو لا.

قلتُ: وفيه إشكالٌ آخر، وهو أن عمر أَجْلاهُم من خَيْبَرَ، كما في البخاريِّ. فَلْيُمْعَنْ النظر في هذا الإِجلاء، فإنهم كانوا مالكين فما معنى الإِجلاء. إلا أن في الروايات: أن عمر كان أعطاهم بها شيئًا، فَلْيُحَرِّره.

فالحاصلُ: أنها مزارعةٌ عند البخاريِّ، وخَرَاجٌ مقاسمةً عند الحنفية. وحينئذٍ فَلْيَسْأَلِ البخاريُّ: أن المزارعةَ هل تبقى بعد موت أحد المتعاقدين أيضًا. أمَّا خَرَاج المقاسمة، فيبقى ما بَقِيَت السلطنة. والظنُّ أن البخاريَّ لم تتنقَّح عنده معاملتهم، فقد يَجْعَلُها إجارةً أخرى مزارعةً. وراجع لتحقيقه «مبسوط السَّرَخْسِيِّ»، فقد حقَّقه بما لا مزيدَ عليه.


(١) قال أبو بكر الرازي في "شرحه لمختصر الطحاويِّ": ومما يَدُلُّ على أن ما شُرِطَ من نصف الثمر والزرع كان على وجه الجِزْية: أنه لم يَرِدْ في شيءٍ من الأخبار أنه - صلى الله عليه وسلم - أخذ منهم الجِزْيةَ إلى أن مات، ولا أبو بكر، ولا عمر رضي الله تعالى عنهما إلى أن أَجلَاهُمْ. والخَرَاج المُوَظَّف أن يجعلَ الإِمامُ في ذمتهم بمقابلة الأرض شيئًا، من كل جَرِيب، يَصْلُحُ للزراعة: صاعًا، ودِرْهَمًا، اهـ -عيني- مختصرًا قلتُ: ما ذكره الرازيُّ لطيفٌ جدًا، وقد تكلَّم على أراضي خَيْبَرَ، ومعاملتهم. أبو عُبَيْد في كتاب "الأموال" فليراجع.

<<  <  ج: ص:  >  >>