جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهم - قَالَ سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ أَوْلَادِ الْمُشْرِكِينَ فَقَالَ «اللَّهُ إِذْ خَلَقَهُمْ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ». طرفه ٦٥٩٧ - تحفة ٥٤٤٩
١٣٨٤ - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى عَطَاءُ بْنُ يَزِيدَ اللَّيْثِىُّ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - يَقُولُ سُئِلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ ذَرَارِىِّ الْمُشْرِكِينَ فَقَالَ «اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ». طرفاه ٦٥٩٨، ٦٦٠٠ - تحفة ١٤٢١٢
١٣٨٥ - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى ذِئْبٍ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ، فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ أَوْ يُنَصِّرَانِهِ أَوْ يُمَجِّسَانِهِ، كَمَثَلِ الْبَهِيمَةِ تُنْتَجُ الْبَهِيمَةَ، هَلْ تَرَى فِيهَا جَدْعَاءَ». أطرافه ١٣٥٨، ١٣٥٩، ٤٧٧٥، ٦٥٩٩ - تحفة ١٥٢٥٨
واعلم أنهم اختلفوا في أولاد المشركين: فَنُقِل عن أبي حنيفة رحمه الله التوقَّفُ. وصَرَّح النسفيُّ في «الكافي»: أن المرادَ بالتوقف في الحُكْم الكلي، فبعضُهم ناجٍ وبعضُهم هالكٌ، لا بمعنَى عدمِ العِلْم أو عدم الحُكْمِ بشيءٍ. وهو مذهب مالك، صرَّح به أبو عمرو في «التمهيد». وإليه ذهب الشافعي كما صرَّح به الحافظ. وعن أَحمد روايتان. واختار الحافظ ابنُ القيِّم النجاةَ كما في «شفاء العليل»، وهو الذي نَسَبه إلى ابن تيميةَ. ولكنَّ المنقولَ عنه عندنا هو التوقُّفْ كما في «فتاواه».
فلا أدري أتعددت الرواياتُ عنه، أو وقع منه في النَّقْل سَهْوٌ؟ وذَهَب الحمَّادانِ، والسُّفّيانانِ، وعبدُ اللَّهِ بن المُبارك، والأَوْزَاعيُّ، إسحاق بن رَاهُويه كلّهُم إلى التوقُّف. ثم جاء الأشعريُّ واختار النجاةَ. ثُم جاء الشافعية واختاروا قول الأشعريِّ وشهروه، ونوَّهُوا بِذِكْره، حتى إِنَّ النوويَّ لم يَنْقل فيه مذهبَ الشافعيِّ وتَرَك ذِكْره رأسًا، واختار النجاةَ تَبَعًا للأَشعريِّ. وإليه ذهب الحافظ وعزاه إلى البخاريِّ رحمهما الله تعالى أيضًا. والذي عندي أنه وَافق المتوقِّفين كما يُعلم من كتاب القَدَر. وعند ابنِ كثير في سورة «بني إسرائيل»: أَنَّ مذهبَ الأشعريِّ أيضًا هو التوقُّفُ. وإذن لا أَدري كيف نُقِل عنه قولُ النجاة. ولا أَقَلَّ مِن أنه تعارُضُ النَّقْل عنه. هذا في ذَرَارِي المُشْرِكين. أما ذَرَاري المسلمِين فَمُقْتَضَى الدليلِ أَن يُتوقَّفَ فيهم أيضًا إلا أن الإِجماع قد قام بنجاتِهم. وحسنئذٍ معنى قوله:«الله أَعلمُ بما كانوا عاملين» في حَقِّهم أنه قد شاءَ عَمَلَ الخيرِ منهم وسبق ذلك منهم. فهو إبهامٌ في اللَّفْظ مع التَّعْيين في الخارج.
١٣٨٤ - قوله:(اللَّهُ أَعْلَمُ بما كانوا عَامِلين). قلت وهذا نَصٌّ في الباب الذي لا مَهْرب عنه ولا مَعْدِلَ. فإِنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم سُئِلَ عنهم، ثُم أجابهم بالتوقُّف فيهم. فالمسئلة هي التوقُّف، وما يُخالِفُه من المُبهَمات ينبغي تأويلُه قطعًا. وأَوَّله مَنِ اختار النجاةَ بتأويلٍ رَكِيكٍ لا يُعبأ به، فقال: إنَّ الحديثَ أَحالهم على العمل، وإذ لم يوجدُ منهم عملُ الشَّرِّ فينجون لا محالةَ. قلت: كلا، بل الحديثُ أحالَ على العِلْم بالعمل دونَ العَمَلِ نَفْسِه. فهذا الحديثُ يقطع عِرْقَ العمل.
فإِنْ قلت: إِنَّ المُمهّدَ في الشَّرْع أنَّ الهلاكَ والنجاةَ يدوران على العمل. قلت: فَمَنْ قال