قال: حدثنا أبو الأسود عن ابن لِهيعة، قال: كتب إليَّ يحيى بن سعيد: أنه سمع السَّائبَ بن يزيد يُحدثُ عن سعد عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: "الخليطان ما اجتمع على الفحل والمرعَى والحوض". قال أبو عبيد: قال أبو الأسود: وكل شيء حدَّث به ابن لَهيعة عن يحيى، فإنَّما هو كتابٌ كَتَبَ به إليه. قال: حدثنا عبد الله بن صالح، عن الليث، عن يحيى بن سعيد، قال: "الخليطان ما اجتمع على المرعى والحوض والفحل"، ولم يُسنده الليث. قال: وحدثنا هشام بن إسماعيل، عن محمد بن شُعيب، قال: سمعت الأوزاعي يقول: إذا جمعهما الراعي، والفحل، والمُرَاح فذلك الخليطان. قال: وحدثنا يحيى بن بُكير، عن مالك بن أنس، قال: "الخليطان أن يكونَ الراعي واحدًا، والفحلُ واحدًا، والمراح واحدًا"؛ قال: والخليطان في الإِبل مثل ذلك. قال أبو عبيد: وهذا كله قول أهل الحجاز. وأهل الشام: إن الخليطين يُجمع ما لهما في الصدقة. وتفسير ذلك: أن تكون ثمانون شاة بين نفسين أو خليطين، أو يكون عشرون ومائة شاة بين ثلاثة نفر، وهم خلطاء في المرعى، والفحل، والمورد، فليس يكون فيها كلها عندهم إلا شاةٌ واحدةٌ، يَلزمُ كل واحدٍ منهم سهمٌ من قيمةِ تلك الشاة، على قدر حصته من عدد الغنم، فهذا عندهم هو تأويل قوله: "لا يفرق بين مجتمع"، وتأويل قوله: "وما كان من خليطين فإنَّهما يتراجعان بينهما بالسَّوية". وخالفهم سفيان، وأهل العراق في التفسير، فقالوا: إنما التفريقُ بين المجتمع، والجمعُ بين المتفرق على المِلك، لا على المخالطة، فقالوا: في ثمانين شاة -بين خليطين- شاتان؛ وفي عشرين ومائة -بين ثلاثة خلطاء- ثلاث شياه. قال أبو عُبيد: والذي عندي في ذلك ما تأوله أولئك للحديث الذي ذكرناه عن ابن لَهِيعة مرفوعًا، مفسرًا، في المرعى، والحوض، والفحل، مع ما فسره يحيى بن سعيد، والأوزاعي، ومالك والليث؛ ويصدِّق ذلك كله الحديث الذي يحدثه معاوية بن حَيدة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. قال: حدثنا ابن أبي زَائدة، عن بَهز بن حكيم بن معاوية، عن أبيه، عن جده: أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، يقول: "في كل إبل سائمة، في كل أربعين منها ابنة لَبُون، لا تفرق عن حِسابها". قال أبو عُبيد: فإذا كانت هذه الأربعون من الإِبل بين خلطاء ثمانية، لكل واحد منهم خمس، فإنَّ الذي يجبُ عليها -في قول من نظر إلى المِلك- ثمانٍ من الغَنَم عن كل رجلٍ شاة. وقد قال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "في كل أربعين بنت لَبُون، لا تفرق عن حِسابها" فأيُّ تفريقٍ أشدُ من نقلها من أسنان الإِبل إلى الغنم؟ وهو - صلى الله عليه وسلم - لم يشترط في حديثه: إذا كانت مِلك واحدٍ، ولا أكثر منه، إنما ذكرَ عددها مجتمعةً؛ وإنما ذهب من نظر في المِلك تشبها بصدقةِ الذهب، والوَرِقِ، والحب، والثمارِ، وقد جاءت السنة في الماشية بخصوصية لها دونَ غيرها. ألا تَرَاه - صلى الله عليه وسلم - لم يشترط النهي عن الجمع بين المتفرق، والتفريق بين المجتمع، ولم يأمر بتراجُع الخليطين إلا في المواشي خاصة، فإذا صيرت سننها كسنة غيرها بطل شرطه فيها. ولما كان لما سَنَّ من ذلك معنى؛ وليس لأحدٍ إبطالُ هذا القول من سنته، ولا تقاسُ السننُ بعضها ببعض؛ ولكن تمضي كل سنة على جهتها. قال أبو عُبيد: وكل هذا الذي حكينا عنهم في أمر الخلطاء، فإنَّما ذلك أن يكونَ كلُ واحدٍ من الخليطين مالكًا لأربعين شاة فصاعدًا، فأما إذا كان أحد الخليطين لا يبلُغ مِلكه أربعين، فإنَّ الأَوزاعي، وسفيان، ومالك بن أنس اجتمعوا على أنه لا صدقة عليه. قالوا: وتكون الصدقة على الآخر المالكِ للأربعين، فما زادت، ولا مرجِعَ له على الآخرِ بشيء في قولهم. وخالفهم الليثُ بن سعيد؛ فقال: إذا كَمُلت الأربعون بين خليطين، ففيها شاة عليهما؛ =