وقد قال له النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "ما كنت صانعًا في حجَّتِها فاصنعْه في عمرتها". فقال: كنت أغسل هذا، وأخلع هذا. وهو دليلٌ على أنَّ خلعَ الثياب ونبذ الطيب، كان أصلًا عندهم في الجاهلية للحاج، وكانوا يستسهلون ذلك في العمرة، فأخبرهم النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - أنَّ مجراهما في ذلك واحد. اهـ. ص ٦٠ - ج ٤، هكذا في "عمدة القاري" ص ٥١٠ - ج ٤. قلت: ويوضُحُه سياقُ حديث يَعلى بن أمية قال: كنا عند النبي - صلى الله عليه وسلم - بالجعرانة. إذ جاءه رجل أعرابيٌ عليه جُبة. وهو مُتضمِّخٌ بالخلوق، فقال: يا رسول الله، إني أحرمتُ بالعمرة، وهذه عليٌّ، فقال: "أما الطيب الذي بك فاغسِله ثلاثَ مرات، وأما الجُبة فانزِعها، ثم اصنع في عمرتك كما تصنعُ في حجك" -متفق عليه-. قال الشيخ في "اللمعات": قيل: كان الرجل عالمًا بأحكام الحج، ولم يكن عالمًا بأن العمرة كالحج، والمرادُ التشبيه في أحكام الإِحرام، وما يجتنب فيه، كما يدل عليه السياق، لا أنَّ العمرة كالحج في جميع الأحكام والأركان، لأنه ليس في العمرة الوقوف بعرفة إلا الطواف والسعي. انتهى. ولعلك علمتَ أنَّ التقصيرَ منه إنما كان لكونه معتمرًا؛ وكان هذا التقصير عندهم معروفًا، ولذا جاء مُحرِمًا بالعمرة والجُبة عليه، ففي هذا السياق لفظ الخَلُوق، وأنه كان في المعتمر، وأن القِصة في الجعرانة. أما شمُّ الرَّياحين، فكما ذكره العيني، أن الأصحَّ تحريمُ شمَّها. وأبو حنيفة، ومالك، يقولان: يحرُم، ولا فدية، كذا يُعلم من "عمدة القاري" ص ٥١٥ - ج ٤. أما أكلُ الطيِّب، فذكر الخَطَّابي في "المعالم" أن المُحرِم مَنهيٌ عن استعمال الطيب في بدنه، وفي معناه الطيبُ في طعامه، لأن بغيةَ الناس في تطيب الطعام، كبغيتهم في تطييب اللباس. هـ: ص ١٧٦ - ج ٧ ثم قال الخَطَّابي في لُبس المرأة القفازين: إن بعضهم ذهبوا إلى أنه لا شيء عليها، وعلل حديث ابن عمر، فإنه من قول ابن عمر. وعلق الشافعي القولَ في ذلك. انتهى.