قوله:(ولا تتبرقع) إذا مس وجهها، أما إذا كان مُجَافيًا لا يمسُّ وجهها، فلا بأس به.
قوله:(بالحليِّ)، وهي مكروهةٌ تنزيهًا عندنا، كما في «البدائع»، ويشهد له حديث أبي داود، غير أنه اختُلف في وقفه ورفعه، وجنح المصنف إلى وقفه. وعمل به الحنفية، فحملوه على الكراهة تنزيهًا.
١٥٤٥ - قوله:(انطلق النبي صلى الله عليه وسلّم من المدينة بعدما ترجّل، وادّهن، ولبس إزاره، ورداءه) ... إلخ، هذا بيان لإِعداده للإِحرام، ولم يكن أحرم بَعدُ، لأنه جامَعَ بعدَه. ولبس الإِزارِ، والرداء لم يكن لكونه مُحرِمًا، بل لكون ذلك لباس العرب. وإنما يتبادَرُ منه الإِحرام، لكونه لُبْسة المحرم في عرفنا.
قوله:(إلا المزعفرة)، قال الطحاوي: إن المزعفرة إذا لم ينفض اللونَ جاز، واستدلَ بروايةٍ فيها يحيى بن حميد الحماني، وهو الأزدي، من علماء الكوفة، وكان يحيى بن مَعِين يوثقه حتى الموت، وتردد فيه بعضهم، ولعله لا ذَنْب له: غير أنه حنفيٌ، وإن من الذنوب ما لا يغفَرُ عند بعضهم.
واعلم أن الراوي لم يتعرض إلى طَوَافه صلى الله عليه وسلّم النَّفل، مع ثبوته في الخارج، لأنه كان بالليل. وإنما لم يَطُف النبي صلى الله عليه وسلّم بالنهار، مع كونه أفضل العبادات في تلك البقعة الشريفة، مخافةَ أن يقعَ الناسُ في مَغْلَطة.
مسألة: قال الحنفية: إن الحاج يقطعُ التلبيةَ عند رمي الجمار (١). والظاهر أنَّ التلبيةَ لما كانت للبيت، ينبغي أن تنقطعَ عند البيت. قلتُ: والسِّر في ذلك أن التلبيةَ إعلانٌ بالإِجابة
(١) قال الخَطَّابي: ذهب عامةُ أهل العلم في هذا إلى حديث الفضل بن عباس رضي الله عنه، دون حديث ابن عمر، وقالوا: لا يزال يُلبي حتى يرمي جمرة العَقَبة، إلا أنهم اختلفوا. فقال بعضهم: يقطعُها مع أول حِصاة، وهو قول سُفيان الثوري، وأصحاب الرأي، وكذلك قال الشافعي. وقال أحمد، وإسحاق: يُلبي حتى يرمَى الجمرة، ثم يقطعها. وقال مالك: يُلبي حتى تزولَ الشمس يوم عرفة، فإذا راح إلى المسجد قَطَعها. وقال الحسن: يُلبي حتى يُصلي الغَدَاة من يوم عرفة، فإذا صلى الغَدَاة أمسك عنها. وكره مالكٌ التلبيةَ لغير المحرم، ولم يكرهها غيره. اهـ.