واعلم أنَّ القارن عندنا يطوفُ طوافين ويسعى سعيين، فإنَّه قد أحرم بإِحرامين، فيطوف لحجه، ويسعى له، وكذلك يطوف لعمرَتِهِ ويسعى لها. غير أنَّ المعتمرَ يتحلَّلُ بعد الفراغ عن أفعال العمرة، وهذا يبقى حرامًا إلى يوم النحر لمكان إحرام الحج، وإن كان فرغ من أفعال العمرة. ولا فرق بعدها بينه وبين المفرد عندنا أيضًا، فيطوف للزيارة طوافًا واحدًا، وللصَّدَر طوافًا واحدًا، ويحلق حلقًا واحدًا، ثم يخرجُ من إحراميه معًا. وإنَّما الكلامُ في تعدُّد الطوافِ والسعي عند دخوله مكة، فحسب، فقلنا: إن عليه طوافين وسعيين. وقال الإِمام الشافعي: إنه يطوف طوافًا واحدًا وسعيًا واحدًا للقُدُوم، ثم يطوف يوم النحر عن حجه وعمرتِهِ طوافًا واحدًا.
وبعبارة أخرى إنه لا فرقَ بين القَارِن والمفرِدِ عنده إلا بحَسَب الإِحرام، فإن القارن يُحرم بهما، والمفرد يُحرم بالحج فقط. أما بحسب المناسك فقال: إن العمرة دخلت في الحج إلى يوم القيامة، يعني به أنَّ أفعالها دخلتْ في أفعال الحج، فطوافُه عن واحدٍ ينوبُ عن آخر. وقلنا: إن دخولَها إنَّما هو في زمان الحج، لا في أفعاله، فيأتي بها منفردًا، وبالحج منفردًا، ولا تتداخل العبادتان من غير الجِنس.