للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

*هذا الذي تعرِفُ البطحاءُ وطأَتَه، ... والبيتُ يعرِفِهُ والحِلُّ والحَرَمُ!


= ثم إن كل من حَمَلَ حديث جابر عند مسلم: "لم يطف النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا أصحابه بين الصفا والمروة، إلا طوافًا واحدًا"، طوافَه الأول على السعي، ولم يفرق بين مَنْ كان قارنًا، أو مفردًا، وبين من كان متمتعًا، فكأنه أراد كون السعي لنُسُك واحد واحدًا، أي لا يتكرر السعي لنسك واحد. (وراجع حديث: "الاستجمارتو، والسعي من النهاية، وتكراره لنسك واحد، غير مشروع عند الحنفية أيضًا، كما في "الدر المختار"، وكذا تكرار الرَّمَل. وراجع "فتاوى ابن تيمية"، أو يريدُ أنَّ السعيَ كان للحج، فجعله النبي - صلى الله عليه وسلم - للعمرةِ بعد ختم الأشوَاط على المروة، إذ ذاك سعيًا.
وكان القياس أن يستأنِفَ، ولم يرو نفيُ السعي الثاني في يوم النحر، فما فُعِلَ للحج احتُسِبَ للعمرة، وهو نادر فحكوه، وأرادُوا هذا)، فإذا كان هناك نُسُكان لزم سعيان، كالمتمتع، وبهذه الإِرادة يَصدُقُ حديث جابر على كل محرمٍ، ويتعينُ أن يكونَ مرادُهم ذلك، فإنَّ بعضهم، كالبيهقي، على ما في "الجوهر النقي" يَحمِلُ الطواف في بعض الروايات على السعي، ويزعم أن هذا كاف في رفع الإِشكال، مع إنَّ عندهم يلزمُ السعي الثاني للمتمتع.
وهذا قد قاله البيهقي، كابن القيم. في حديث عائشة، "وأما الذين جمعوا بين الحج والعمرة فإنما طافوا طوافًا واحدًا". اهـ. وراجع ما في "الفتح" وما عند مالك في دخول الحائض مكة، وإفراد الحج أيضًا، من البخاري و"المسند"، وما عند الطحاوي في طواف القارن عن ابن عمر، وإذا لبى من مكة بها، لم يرمل بالبيت، وأخَّرَ الطواف بين الصفا والمروة إلى يوم النحر، وكان لا يرمل يوم النحر. اهـ. وكأنه أخذه من تركه - صلى الله عليه وسلم - الرَّمَل إذ ذاك، وإنما كان تركه لكونه طاف راكبًا.
وفي "رد المختار" عن "غاية السروجي" أن القارن لا يَرمُل ثانيًا، وهو خلاف ما عليه الأكثر أنه في كل طوافٍ بعده سعيٌ، وطوافه راكبًا للاشتكاء، كما في "التخريج"، وخلافه ص ٧٤٩ ج ٢ على خلاف ظاهر هشيم عن يزيد بن أبي زياد في "المسند" ص ٢١٤ - ج ١، وحجامته محرمًا بلحى الجمل، إنما كان في إحدى عمره، كما في "الهدي" لا في حجة الوداع، كما في "الفتح"، وراجعه ص ١٥٥ - ج ٤، [كما في "الأم - والهدي"، وعبد الرحمن بن أذينة عند الطحاوي، ذكره البخاري، وزياد بن مالك في "الكسائي"، وأبا الفراء السلمي في "الطبقات" والمنفعة، ومالك بن الحارث بها، وفي "التهذيب" وفي "اللسان" من عبد الرحمن، وأبيه أبي نصر بن عمرو)، وما في "الفتح" حَلَفَ طاوسٌ ما طاف أحد من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لحجه وعمرته، إلا طوافًا واحدًا. اهـ. فطاوس ممن يروي أن طوافه - صلى الله عليه وسلم - للزيارة إنما كان بالليل، ومع هذا يوجه بما مر. وفي "الجوهر النقي" عن "مسند الشافعي" عن عطاء أنه عليه الصلاة والسلام سعى في عُمَرِه كلهن الأربع بالبيت والصفا والمروة. اهـ. ومثله في "الفتح" من حديث أبي سعيد عند الحاكم، بإسقاط عمرة الحُدَيبِية، ولعل عطاء أرادَ بالعمرة الرابعة حجَته تغليبًا. ورأيته في "الأم" ونسخة -الهند، ومصر- من "المسند" بزيادة: إلا أنهم رووه في الأولى والرابعة من الحديبية، ولعله أراد بالأولى والرابعة عُمرة الحديبية، صعودًا وهبوطًا في التعداد. وراجع الروايات، طواف الراكب في "الأم"، فهي شافية في تعدد سعيه - صلى الله عليه وسلم -، وص ٢١٤ من "التلخيص"، وأبو الطفيل وُلد عام أُحد، ورآه النبي - صلى الله عليه وسلم - يطوف على راحلته، وهو غلامٌ شابٌ، كما في "المسند" وأبي داود.
واعلم أنَّه كان القياس أن يطوفَ القارِنُ طوافين عند القدوم للعمرة والحج، ولم يقع هناك إلا واحد فحكوه، لا يحتاج إلى اعتبار التداخل أيضًا، بل حَكوا ما وقع. وأما المتمتع فانفَصَل فيه أحدهما عن الآخر، وتميَّز، فقوله: "كفاه طواف واحد"، أي لم يقع إلا واحدٌ، سواء اعتُبر عنهما، أو عن العمرة فقط. وقولها: "وأما الذين جمعوا بين الحج، فإنَّما طافوا طوافًا واحدًا"، أي عنهما وعنهما، لا بالإِفراد على حدة، كما يقال: لا بد من اثنين واثنين.
فقيل: كفى واحد، أي في الموضعين، لا أريد التكرارَ في واحد، إنما أريد تَنَاولَه للاثنين من الطواف ضربة، فالواحدُ مرتين، وفي كل مرة عنهما، ولا تريد الوحدة عددًا. وراجع في عدم الفسخ خلافَه، و"الفتح" نظيرًا، وراجع "الفتح"، وفي أطوفته ماشيًا: من "الصحيح". =

<<  <  ج: ص:  >  >>