للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَيَحْلِقُ فِى أَىِّ مَوْضِعٍ كَانَ، وَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ، لأَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - وَأَصْحَابَهُ بِالْحُدَيْبِيَةِ نَحَرُوا وَحَلَقُوا وَحَلُّوا مِنْ كُلِّ شَىْءٍ، قَبْلَ الطَّوَافِ، وَقَبْلَ أَنْ يَصِلَ الْهَدْىُ إِلَى الْبَيْتِ، ثُمَّ لَمْ يُذْكَرْ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - أَمَرَ أَحَدًا أَنْ يَقْضُوا شَيْئًا، وَلَا يَعُودُوا لَهُ، وَالْحُدَيْبِيَةُ خَارِجٌ مِنَ الْحَرَمِ. تحفة ٦٤٠٥

١٨١٣ - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ حِينَ خَرَجَ إِلَى مَكَّةَ مُعْتَمِرًا فِى الْفِتْنَةِ إِنْ صُدِدْتُ عَنِ الْبَيْتِ صَنَعْنَا كَمَا صَنَعْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَهَلَّ بِعُمْرَةٍ، مِنْ أَجْلِ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ، ثُمَّ إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ نَظَرَ فِى أَمْرِهِ فَقَالَ مَا أَمْرُهُمَا إِلَاّ وَاحِدٌ. فَالْتَفَتَ إِلَى أَصْحَابِهِ فَقَالَ مَا أَمْرُهُمَا إِلَاّ وَاحِدٌ، أُشْهِدُكُمْ أَنِّى قَدْ أَوْجَبْتُ الْحَجَّ مَعَ الْعُمْرَةِ، ثُمَّ طَافَ لَهُمَا طَوَافًا وَاحِدًا، وَرَأَى أَنَّ ذَلِكَ مُجْزِيًا عَنْهُ، وَأَهْدَى. أطرافه ١٦٣٩، ١٦٤٠، ١٦٩٣، ١٧٠٨، ١٧٢٩، ١٨٠٦، ١٨٠٧، ١٨٠٨، ١٨١٠، ١٨١٢، ٤١٨٣، ٤١٨٤، ٤١٨٥ - تحفة ٨٣٧٤

خالف الإِمام الهُمَام أبا حنيفة، فإنَّ القضاء يجبُ عندنا مطلقًا، معتمرًا كان أو حاجًا، ولا قضاء عند الحجازيين للعمرة. وأما على المحصر عن الحج فعليه قضاء اتفاقًا. ويُستفاد من كلام ابن عباس أن القضاء عنده في حال الاختيار، فإن كان من عذرٍ سماويٍ، لا قضاء عليه.

قوله: (وقال مالك وغيره: ينحر هديه، ويحلق بأي موضع كان)، وعندنا يُشترط أنْ يبلغَ الهَدْي مَحِلَّه (١)، فلا يذبحُ خارج الحرَمَ. وعندهم يذبحُ حيث تيسَّر، بل حيث أُحْصِر.

قوله: (والحديبية خارج الحرم)، وعارضه الطحاوي عما روى عن محمد بن إسحاق: أنَّ الحُدَيْبِيَةَ بعضها من الحرم، وأنه كان يُصلي بالحرم، وإن كانت خيمتُه مضروبةً في الحِل. أقول: وما ذكره الطحاوي صوابٌ بلا مِرْية، وحقٌّ بلا فِرْية، لما أخرجه البخاري في حديث طويل في تلك القِصة: أن ناقتَه لما بلغت حدود الحرم خلأت ولم تدخلها، وعند ذلك قال النبيُّ صلى الله عليه وسلّم «حَبَسَها حابس الفيل» فدل على قُرْبه من الحرم جدًا. وفي السِّير أنَّ النبيُّ صلى الله عليه وسلّم حلق رأسَه فهبت ريحٌ، فطارت بأشعاره إلى الحرم، فدَلَّ هذا كله أنه كان من الحَرَمِ بمكان، لو أراد أنْ يذبحَ بالحرم لذبح فيه. وإذن لا بد عند الكل أن يذبح (٢) بالحرم دون الحل، فإنَّه كان على مَكِنةٍ من ذبحه فيه، فأيُّ حاجةٍ إلى الذبح في الحِلِّ مع القدرة في الحرم؟.


(١) قال الخَطَّابي: مَنْ أوجبه -يعني القضاء- على المحصر، فإِنه يُلزِمَه بدل الهَدْي، لقولَه عز وجل: {هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ} [المائدة: ٩٥] ومن نحر الهَدْي في الموضع الذي أحصر فيه، وكان خارجًا من الحرم، فإِن هَدْيه لم يبلغ الكعبة، فيلزمُه إبداله، أو إبلاغه الكعبة. وفي الحديث حجةٌ لهذا القول. اهـ. "الجوهر النقي".
(٢) وفي النسائي بسند صحيح عن ناجية بن كعب الأسلمي أنه قال: أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - حين صَدَّ الهَدْي؛ فقال: "يا رسول الله ابعث به معي فأنا أنحر، قال: وكيف؟ قال: آخذ به في أوديته لا يقدر عليه، قال: فدفعه إليه، فانطلق به حتى نحره في الحرم". وفي "مصنف ابن أبي شيبة" عن عطاء، قال: "كان منزل النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم الحُدَيْبِيَة في الحرم". وفي "الاستذكار"، قال عطاء، وابن إسحاق: "لم ينحر عليه الصلاة والسلام هَدْيَه يوم الحديبية، إلا في الحرم". انتهى ملخصًا. "الجوهر النقي".

<<  <  ج: ص:  >  >>